للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القومية، وهؤلاء لا يتوقفون عن الافتراء كقولهم إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان راعيا، كما أنهم يعملون على إماتة روح الاعتزاز بالنفس وزعزعة الثقة في التلاميذ كقولهم إن الفاتحين كانوا يهدفون إلى الحصول على الغنائم والأسلاب (١).

[أبعاد الهوية الثقافية]

لم تكن مسألة الهوية واضحة في أذهان من خططوا للثورة، كان هدفهم إحداث صدمة نفسية وضربة عسكرية لصخرة الاحتلال الجاثمة على صدر الجزائر، كان بعض القادة أنفسهم قد صرحوا بذلك، فهذا بوضياف وبيطاط وابن طوبال متفقون على أنهم لم يكونوا يتوقعون انتصارا عسكريا، وإنما كانوا يهدفون إلى عملية تحرك الشعب وتوقظه من سباته ومن اللامبالاة التي كان يعيشها سيما بعد أزمة الحركة الوطنية وانشقاقها بين تيارات متصارعة، فهذا ابن طوبال اعتبر انطلاق الثورة (مغامرة)، وقد أوضح بوضياف أن الأمر الذي كان متفقا عليه كهدف من القيام بالثورة هو الاستقلال، مع التمسك بمبدأ القيادة الجماعية وأنهم لم يضعوا لما بعد ذلك برنامجا ولا إيديولوجية، أما بعد أن تحولت الفرق الصغيرة من المجاهدين إلى جبهة حقيقية تضم مختلف الأتباع من حركة الانتصار وحزب البيان وجمعية العلماء والطلبة والعمال والتجار فقد تجند الجميع لكسب معركة الاستقلال، ثم انضمت الجماهير بعد ذلك إلى هذه الجبهة بالتدرج (٢).


(١) المنار ١٥، أول فبراير، ١٩٥٢، وصاحب المقال غير مذكور وإنما هناك عبارة (المطالح) فقط، وقد رجع نفس المطالح إلى الموضوع نفسه وهو أهمية التاريخ في مقال بعنوان التاريخ في خدمة القومية، انظر المنار عدد ١٧، ٢٩ فبراير، ١٩٥٢، ويبدو أنه مثقف ثقافة سياسية بارعة وله ميول إسلامية وقومية، ولا نستبعد أن يكون هو نفسه محمود بوزوزو.
(٢) ديفيد غوردن، نهاية الجزائر الفرنسية، لندن، ١٩٦٥، ص ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>