التراث وهي (اللغة القومية والدين المتبع والعوائد الجارية)، بمعنى آخر فالتاريخ يجب أن يكون مادة للتربية الأخلاقية والسياسية والتاريخية وأن يخرج المواطن الصالح الذي يؤثر الدين والوطن واللغة على نفسه، ومن ثمة يكون مستعدا للتضحية في سبيل هذه الأركان التي لا يكون الوطن وطنا إلا بها ولا يكون المواطن صالحا إلا إذا عمل بها.
ومن المهم أيضا عند الحديث عن البرنامج التربوي المقترح أن يذكر المعلم التلميذ بأن المؤسسات الاجتماعية، ومنها المدرسة كانت وسائل فقط لتحقيق هدف وأن هذه الوسائل تتبدل بتبدل الزمن عندما تأتي أهداف جديدة، فالمدرسة إذن عبارة عن آلية، وقد نبهنا الكاتب إلى أن وزارات التربية والتعليم في الدول الواعية لدورها التاريخي تحرص على تحضير منهاج التاريخ بعناية خاصة ولا تعطي التاريخ للأجانب ليدرسوه لأبناء الأمة بل لا تعطيه إلا للمواطن الذي يشعر بمواطنته، بينما يمكن للأجنبي أن يدرس مواد أخرى كالرياضيات، فالمواطن هو الذي يطبع التلميذ بالطابع القومي من خلال التاريخ، وقد أكد الشيخ الإبراهيمي هذه الفكرة في محاضراته بمعهد الدراسات العربية بالقاهرة (١).
وقد نوه كاتب المنار بجمعية العلماء لتكوينها هيئات عليا لتخطيط المناهج وتقديم توجيهات للمعلمين، ولكنه انتقدها لأنها لم تهتم في نظره بإعداد منهاج موحد يوجه التلاميذ توجيها قوميا، فالمعلمون ما يزالون يستعملون منهج حشو رؤوس التلاميذ وتقدم إليهم خلاصات جافة ليس معها توجيه مثالي، وليس هناك اهتمام بتعليم تاريخ الجزائر، وهذا لا يقلل من أهمية تعليم التلاميذ التاريخ الإسلامي العام الذي لم تغفله الجمعية، ذلك أن حالة الجزائر حالة خاصة لأن تاريخها يعلمه الأجانب (الفرنسيون) بلغة غير اللغة
(١) انظر بحثنا الإبراهيمي مؤرخا في وقائع ندوة الشيخ الإمام الإبراهيمي، الجزائر، مايو، ٢٠٠٥.