تبسة على عهد عباس بن حمانة. ثم شقت طريقها منذ الحرب العالمية الأولى. والمدارس الحرة هي تلك التي حاول أصحابها أن يطوروا بها المدارس القرآنية (الكتاتيب) القديمة، فبدل المسيد أو الكتاب الملحق بالجامع والذي بقي مقتصرا على تحفيظ القرآن ومبادئ القراءة والكتابة، ولدت المدرسة العصرية ذات الأقسام والإدارة والبرنامج المدرسي المتكامل في مراحله والتي تخرج تلاميذ بشهادات تسمح لهم بممارسة بعض المهن أو متابعة الدراسة الثانوية والعالية. ورغم المحاولات الرائدة في هذا المجال على يد رواد مثل ابن حمانة ومصطفى حافظ ورجال مدرسة الشبيبة، فإن التجربة قد نجحت على يد ابن باديس وجمعية العلماء التي وسعت من دائرة هذا التعليم الحر أو الحديث وتبنته باسم الشعب الذي ساهم فيه بحماس كبير بعد أن رأى النتائج الإيجابية التي نافست نتائج المدرسة الفرنسية، بل فاقتها في التكوين الوطني والإسلامي.
وبالإضافة إلى ذلك تحدثنا في هذا الفصل عن معاهد أخرى مثل معهد ابن باديس ومعهد ابن الحملاوي ومعهد الحياة. وكذلك عن نقد برامج تعليم الزوايا وتعاليق لبعض الفرنسيين عن برنامج المدارس الحرة.
[التعليم في الزوايا]
تناولنا تعريف الزاوية في فصل الطرق الصوفية. وقد عرفنا أنها أصلا كانت رباطا للجهاد، ثم تطورت إلى مركز للتعليم والعبادة، وأخيرا أصبحت مقاما ثم ضريحا ومزارا لأحد المرابطين (من الرباط للجهاد إلى الرباط للعلم والعبادة). ولكن هذا المفهوم تطور أيضا حتى أصبح يدل في الزمن القريب منا على مقر الشيخ حامل البركة والمتصوف الذي ليس له علاقة بالجهاد ولا بالتعليم والعبادة، وإنما له علاقة بإعطاء الأوراد والإجازات واستقبال المريدين والمقدمين والإخوان وحاملي (الزيارات) أو التبرعات. وقد لصق بهذا المفهوم للزاوية ممارسة الحضرة والدروشة واستغلال جهل العامة. ثم أصبحت الزاوية علما على الخرافة والتجهيل والظلامية والاستغلال. وقد