للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع دراستها واهتمامها الدائم. إن تلك الجرائد أصبحت تصف الإنتاج البوربري (الملحون) بأنه (كلام عوام) وتتعجب من كون المشاركين في الاحتفال المئوي (١٩٣٠) يهتمون بالفلكلور والأدب الشعبي ولا يهتمون بالقصيدة الفصيحة (١). وهكذا نرى أن إهمال الفصحى والعناية بالدارجة الذي بدأ مع الاحتلال قد تحول بعد مائة سنة إلى العكس على يد الشعوب المغاربية، أي العناية بالفصحى وقلة الاهتمام بالدارجة، لأن الفصحى هي لغة الدين والتراث والقومية والاستقلال.

[الدراسات البربرية]

عرفنا أن دراسة اللغة العربية ولهجاتها كانت قائمة عند الفرنسيين، منذ بداية الاحتلال، على حاجتهم إلى فهم الشعب الجزائري وتوفير وسيلة الاتصال به والتجارة معه ومع غيره. أما دراسة البربرية ولهجاتها فقد جاءت فيما يبدو، نتيجة لما سمي بالسياسة الفرنسية البربرية، وهي السياسة التي قامت على تبعيد السكان عن بعضهم وتقسيمهم إلى بربر وعرب، وأقلية وأغلبية، لكي تظل الكلمة الفصل للفرنسيين أنفسهم.

وعلى هذا الأساس تكون السياسة سابقة للدراسة. وقد عرفنا في مكان آخر أن السياسة البربرية بدأت مع بحوث العقيد كاريت في الأربعينات من القرن الماضي. ثم توسع فيها وعمقها الدكتور وارنييه في الستينات، ثم واصلها وكشف عنها كميل صابتييه خلال الثمانينات والتسعينات. وقد تبنتها إدارة الشؤون الأهلية والكنيسة. أما الإدارة فقد سلكت تلك السياسة في ميادين التعليم والقضاء والضرائب والتقسيم الإداري والنيابة ونحو ذلك. وكان آخر ذلك إحلال القضاء الفرنسي محل الشريعة الإسلامية، وإحلال


(١) نفس المصدر، ص ١٠. وبعد الحرب العالمية الثانية رجعت (البصائر) في سلسلتها الثانية (١٩٤٧) إلى نفس الدفاع عن التعليم الحر بالعربية وإحياء الفصحى، بل بلهجة أشد حدة وأكثر وعيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>