رغم مكانة بلقاسم بن سديرة في البحث اللغوي والنحو والتدريس فإننا لم نعثر له على ترجمة وافية إلى الآن. ويعتبر من المواهب النادرة التي ظهرت خلال الاحتلال، ولكن التوجيه الرسمي جعله في خدمة الاستشراق وليس في خدمة اللغة العربية وثقافتها، كما شلت موهبته إلى حد كبير فاقتصرت على ما ينفع المؤسسات الاستعمارية، وقلما انتفع الجزائريون بعلمه. وهناك قدر مشترك بين ابن سديرة وابن شنب، وهو الموهبة النادرة والبحث المستمر ولكن في خدمة الإدارة والاستشراق أكثر من خدمة الثقافة الوطنية.
وسنحاول الآن صياغة المعلومات التي عندنا عن ابن سديرة لعلنا نصل إلى وضع ترجمة مختصرة له، في انتظار توفر معلومات أخرى تكمل ما عندنا. ولد بلقاسم بن سديرة في بسكرة، ربما أوائل الأربعينات. وكانت بسكرة قد احتلت سنة ١٨٤٢. وتداولت عليها الأيدي خلال الأربعينات بين عائلة ابن قانة وخصومهم أولاد بوعكاز الذين كانوا ينافسونهم على مشيخة العرب هناك منذ عهد البايات. ثم تدخل الأمير عبد القادر وحلفاؤه ومنهم الحسين بن عزوز ومحمد بن الحاج وفرحات بن سعيد في أحداث بسكرة. وفي ١٨٤٩ وقعت ثورة الزعاطشة في ناحية بسكرة أيضا. وكانت المعاملة الفرنسية للواحة وأهلها من الوحشية بحيث كانت مضرب المثل في سياسة القمع. ولا ندري كيف تعلم بلقاسم بن سديرة ولا أين في هذه الظروف الصعبة. ولكننا نعرف أن أهل بسكرة كانت لهم (نقابة) في العاصمة وكانوا على صلة بأحداث العالم من خلالها، وكانوا، مثل بني ميزاب وأهل زواوة، يتنقلون بين موطنهم والعاصمة ويرسلون النقود والأخبار إلى أهلهم.
= ومراكش وسورية ومصر. وهو أساسا موجه إلى الجزائريين. وكان الشدياق قد فعل ذلك قبل إسلامه. وكان دوقا عضوا بالجمعية الآسيوية الفرنسية. وهو مترجم (ذكرى العاقل) الذي ألفه الأمير عبد القادر.