منهم كان قد درس تاريخ الجزائر (خارج العهد الاستعماري) القديم والوسيط والحديث، وعرف ما تراث الجزائر خلال هذه العهود الطويلة؟ ثم إن المسألة ليست مسألة لغة ودين وتاريخ ... ولكنها مسألة حضارة متكاملة، وليس في ذلك النفر من المناضلين من كان دارسا أو ملما بجوانب الحضارة العربية الإسلامية ودور الجزائر فيها؟
عند الحديث عن السند الخارجي ميز البيان بين الدعم المضمون والدعم المحتمل، أما الدعم المضمون فهو من (إخواننا العرب والمسلمين)، وهذا واضح من أنه يعبر عن الشعور بالانتماء الحضاري، وهذا يمثل الدائرة الأوسع للجزائر، كما أن هدف الثورة المعلن هو إخراج الحركة الوطنية من التردي الذي وقعت فيه إلى (المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة والتونسيين)، وهذه هي الدارة الأقرب للجزائر , فقد كان محررو البيان يدركون أن أول من يتوقعون منه الدعم هم العرب والمسلمون سواء كانوا في المشرق أو في المغرب، وأن واجب النضال يقتضي اللحاق بركب الثورة في البلدين الجارين وتوسيع رقعة المعركة لصالح الجميع مع توقع الدعم القادم من (الاخوة) الأقارب والأباعد.
[برنامج أول نوفمبر]
أما النقطة التي دار حولها كثير من الجدل وما يزال يدور، فتتمثل في برنامج الثورة، فهل هو إقامة دولة اشتراكية أو إسلامية أو ليبرالية، ويبدو أن محرري البيان كانوا (اشتراكيين) في توجههم، ولكنهم مع ذلك ومراعاة ربما للجماهير، ألحوا على أن الهدف من البرنامج سياسيا هو تحقيق الاستقلال وإقامة دولة ديموراطية اجتماعية ... (في إطار المبادى الإسلامية)، فلماذا هذا الغموض؟ إن عبارة ديموراطية اجتماعية تعني أن النظام الذي مستنشئه الجزائر سيكون شيوعيا أو اشتراكيا وليس نظاما اجتماعيا عادلا كما فهمه البعض، فأصحاب البيان كانوا يقفون إلى يسار الخط الايديولوجي الاشتراكي.