للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتعلمين لولا أن العصر كان عصر التصوف وليس عصر الفقه والنظر العقلي.

وكان التأليف في التصوف أكثر من تدريسه على عكس بعض العلوم الأخرى. ذلك أن بعضا ممن سنذكرهم من المؤلفين في علم التصوف وفروعه لم يكونوا مدرسين. أما الذين جمعوا بين التدريس والتأليف في التصوف فعددهم قليل أيضا. ومن هؤلاء عمر الوزان الذي سبق الحديث عنه. فقد انقطع للتدريس ورفض منصب القضاء، وجمع بين الفقه والتصوف، وإذا حكمنا من حديث الفكون عنه فإن الوزان كان أولا من أهل التصوف منقطعا لقراءة كتب المتصوفة ومعتنيا بطريقتهم ولا ينفك عن كتب الوعظ والروحانيات، ولكنه بإلهام خارق تحول إلى الحديث الشريف واعتكف على البخاري يحفظه متنا وسندا (١). أما محمد أبهلول المجاجي وتلميذه سعيد قدورة فقد اشتهر كل منهما بتدريس التصوف، ولكننا لا نعرف أنهما قد ألفا فيه.

[المناقب الصوفية]

وقبل تناول المناقب نود أن ننبه إلى أننا سنختصر الحديث فيها هنا ونفرد لها في فصل التاريخ والتراجم مكانا خاصا. وحسبنا من المناقب هنا موضوعها، وهو التصوف وحياة المتصوفين وتعداد فضائلهم. ومن أوائل كتب المناقب كتاب (المواهب القدسية في المناقب السنوسية) الذي ألفه محمد بن عمر بن إبراهيم الملالي عن حياة وأعمال محمد بن يوسف السنوسي. وكان الملالي من تلاميذ السنوسي فجمع في كتابه ما سمعه منه ومن أخيه، علي السنوسي، ومن المعاصرين له. ويهمنا هنا أن نلاحظ أن الملالي قد خصص على الأقل فصلين من كتابه للنواحي الصوفية عند السنوسي، وأنه قد خص المقدمة بالحديث عن أحوال الأولياء في الدنيا (لتنشيط النفوس لسماع ما سيأتي) (٢).


(١) انظر ترجمة الوزان في فصل التعليم من الجزء الأول.
(٢) تناولنا هذا الكتاب في الفصل الأول من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>