وإلى سنة ١٨٣٨ كان العسكريون هم الذين يقومون بالشؤون الدينية أيضا. وكان نشاطهم ما يزال منحصرا في تربية المهاجرين الجدد إلى الجزائر وهدايتهم روحيا. ونذكر أنه من الناحية الإدارية لم يعلن الفرنسيون أن الجزائر من (ممتلكات) فرنسا إلا سنة ١٨٣٤. ومع ذلك فإنهم منذ ١٨٣٠ قام العسكريون منهم بما ذكرنا حول الأوقاف والمساجد والزوايا والجبانات، وهدموا وغيروا ما شاؤوا. وكانت الحكومة الفرنسية تفاوض الفاتيكان على فتح أسقفية لها في الجزائر. وقد أدت المفاوضات إلى تعيين السيد أنطوان دوبوش أسقفا في الجزائر سنة ١٨٣٨. ووجد دوبوش قبله سبعة قساوسة، منهم أربعة في العاصمة، وإثنان في عنابة وواحد في وهران.
وفي نهاية السنوات التي بقيها في الجزائر ١٨٣٩ - ١٨٤٦ ترك دوبوش منجزات كبيرة لا يمكن إنجازها لولا المساعدات التي كانت تأتيه من هنا ومن هناك، ومنها مساعدات الحكام في الجزائر، ممثلي الدولة الفرنسية. ومن تلك الانجازات: بناء ٦٠ كنيسة ومعبدا، و ١٦ مؤسسة دينية (وبعض هذه المباني كانت مساجد) و ٩١ قسيسا، و ١٤٠ إطارا من النساء والرجال في الشؤون الدينية، وملجأ للايتام، وحلقة درس (سيمينار).
كان أصل ديبوش من مدية بوردو. وبعد حلوله بالجزائر (العاصمة) سكن في أحد القصور التابعة لبايات قسنطينة، وهو قصر الأميرة عزيزة، وبالطبع فإن الحكومة الفرنسية هي التي أعطته إياه لأنها هي التي استحوذت على جميع أملاك البايلك القديم. وفي ظرف قصير استطاع دوبوش أن يقيم مشروعا لاستعادة الكنيسة الافريقية القديمة وأن يقنع الجنرالات، ولا سيما بوجو الذي رأى فيه وسيلة لضرب المقاومة الاسلامية. فتعاونا، كل في مجاله، وبلغ الأمر بديبوش ان كان يفاوض الأمير عبد القادر على الأسرى الفرنسيين، حتى ظن بعض العسكريين أنه تجاوز حدوده، وتحدث بعضهم