للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك نصل إلى المرحلة الرابعة التي استمرت منذ ١٨٩٢، مرورا بعهد شارل جونار (سيما فترته الثانية ١٩٠٣ - ١٩١٣) وبفترة الحرب العالمية الأولى التي كاد يتوقف فيها التعليم تماما. ثم الانطلاقة الكبيرة للتعليم العربي الإسلامي (الأصلي) من العشرينات حين لم يعد للإدارة أي مجال سوى أن تلاحق هذا التعليم وتنافسه. وهو تعليم قام على تبرعات الشعب وليس من ميزانية الدولة الفرنسية. أما التعليم الفرنسي خلال هذه المرحلة التي سميناها الرابعة فقد أصبح من ميزانية الدولة التي طالما تغيبت في الماضي عن أداء واجبها. ولا تتصور أن إحداث برنامج لتعليم الجزائريين منذ ١٨٩٢ معناه رصد الأموال الكافية وبناء المدارس اللازمة واستيعاب كل التلاميذ في سن التمدرس، وقطع التلاميذ لكل المراحل التعليمية. لقد عرفنا أنه في سنة ١٩٤٠ لم يكن في جامعة الجزائر سوى ٨٩ طالبا. وكان عدد التلاميذ الجزائريين في الثانويات الفرنسية لا يتجاوز بضع مئات. إننا هنا نشير فقط إلى أن التعليم في الجزائر قد دخل مرحلة لا عهد له بها، وهي تتمثل في احتضان الدولة له، تحت ضغط (قوة الأشياء)، كما قال لوشاتلييه، لأن العالم الإسلامي كله كان يتحرك تحت أقدام المستعمرين الهولدنيين والبريطانيين والفرنسيين، الخ. ولأن هذه القوى الاستعمارية قد أخذت تغير من سياستها وفلسفتها إزاء مستعمراتها كما قال مارسيه (١).

[المدرسة الابتدائية المزدوجة]

١ - ولنبدأ الآن بالمرحلة الأولى، مرحلة الإهمال واللامبالاة الفرنسية من تعليم الجزائريين، وهي ما بين ١٨٣٠ إلى ١٨٥٠. لقد قضى الفرنسيون على عشرات المدارس الابتدائية التي كانت بمدينة الجزائر وغيرها غداة


(١) هو جورج مارسيه الذي قال سنة ١٩٠٨ أنه منذ حوالي عشرين سنة (حوالي ١٨٨٨) اهتمت كل القوى الاستعمارية الأوروبية بقضية التعليم في المستعمرات. وقد تولى مارسيه وظائف هامة في ميدان التعليم والتأليف عندئذ. انظر بحثه عن التعليم في الجزائر، في (مؤتمر شمال إفريقية) لسنة ١٩٠٨، ج ٢، باريس، ص ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>