للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبشر. وهذه المدرسة بفرعيها قد استمرت إلى ١٨٧٠. ولما كان اسمها مرتبطا (بفكرة المملكة العربية) وباسم نابليون الثالث، فإن الجمهورية الثالثة التي قامت بعد حرب ١٨٧٠ سارعت إلى إلغاء المدرسة السلطانية بفرعيها. كما سارعت إلى إلغاء المدارس العربية - الفرنسية الابتدائية التي نحن بصددها، ولم تبق إلا على المدارس الشرعية الثلاث المذكورة، على أنها ستتدخل أيضا في (تنظيمها) ابتداء من سنة ١٨٧٥ - ١٨٧٦، كما سنرى.

وبذلك دخلنا في الحقيقة في المرحلة الثالثة التي شهدت عدة تغييرات في مجرى التعليم. فهي مرحلة ألغت بعض مؤسسات التعليم تماما، وأعادت تنظيم بعضه لصالح المؤسسة الاستعمارية التي جاءت الجمهورية الثالثة متحمسة لها إلى أقصى الحدود، ومن جهة أخرى فهي مرحلة جاءت بتغييرات هامة لصالح التعليم، بين ١٨٨٣ و ١٨٩٢، فهناك عدة إجراءات اتخذت على يد جول فيري J.Ferry الذي كان وزيرا للتعليم عندئذ، وزملائه مثل لوبورجوا. وهذه التغييرات كانت في الحقيقة نتيجة لتغييرات مماثلة حدثت في فرنسا نفسها، حين أعيد النظر في المنظومة التعليمية التي اتهمت بأنها كانت وراء هزيمة فرنسا سنة ١٨٧٠. وهكذا تأثر الفرنسيون بالمنظومة الألمانية. وقد قرروا إجبارية التعليم في فرنسا ١٨٧٣ وكذلك في الجزائر بالنسبة للأوروبيين (١). كما قرروا إعادة تنظيم مدرسة ترشيح المعلمين، وغير ذلك من الإجراءات. ولكن أكبر خطوة اتخذت في هذه المرحلة هي زيارة لجنة مجلس الشيوخ للجزائر برئاسة جول فيري نفسه. وكان من أعضائها كومبس الذي تولى فيها قضية التعليم. ونتيجة للتحقيق الطويل الذي جرى على يد اللجنة المذكورة والاستماع إلى شكاوى الجزائريين ومطالبتهم الملحة بتعليم أبنائهم بلغتهم العربية ودينهم، صدرت التوصيات بوضع برنامج واسع للتعليم والرؤية جديدة للعلاقات الجزائرية - الفرنسية.


(١) سبق القول إن إجبارية التعليم بالنسبة للجزائريين لم تطبق إلا جزئيا على بعض البلديات في زواوة، ابتداء من سنة ١٨٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>