الكوليج الإمبريالي). وبعد أن انتهت هذه اللجنة من أعمالها وقدمت توصياتها، ظلت الحكومة الفرنسية سنة أخرى يقال إنها كانت فترة تأمل، وهي في الحقيقة فترة إهمال للتعليم في الجزائر وانشغال بغيره. إذ في هذه الفترة (١٨٤٨ - ١٨٥٠) كانت الجمهورية الثانية قد وضعت بندا في دستورها يعتبر الجزائر جزءا من فرنسا. وكانت الجمهورية تعيش صراعها مع الملكيين والرجعيين وأنصار نابليون الأول. فقد هجرت عددا كبيرا من هؤلاء السياسيين والمغامرين إلى الجزائر أو بالأحرى نفتهم إليها وفرضت عليهم الإقامة بها. وفي هذه الأثناء زار الجزائر الكسيس دي طوكفيل عدة مرات، وقدم أيضا تقاريره وآراءه، وكان نائبا في برلمان الجمهورية، وسنعرض إلى آرائه فيما يتعلق بالتعليم الفرنسي والتعليم الإسلامي. فالحكومة الفرنسية لم تكن في لحظة تأمل عندئذ وإنما في لحظة انشغال تام عن مصلحة الجزائريين، فإذا احتج واحد من هؤلاء على وضع البلاد حكم عليه بأنه متعصب ومتوحش وضد الحضارة والتقدم. ولنذكر أيضا أن سنة ١٨٤٩ - ١٨٥٠، هي سنة ثورة الزعاطشة وظهور الشريف بوبغلة في زواوة والشريف محمد في ورقلة والأغواط والصحراء الشرقية.
وابتداء من ١٨٥١ صدرت بعض القرارات حول تعليم الجزائريين. ولكن كيف؟ أولا، هناك قرار بإنشاء عدة مدارس تحت عنوان جديد، وهو (المدرسة العربية - الفرنسية). وقد استحدثت فعلا بعض هذه المدارس في عدة مدن، سنذكرها، كما بدأت المدارس الشرعية الرسمية الثلاث، تؤدي مهمتها، وهي مدرسة المدية (ثم العاصمة)، ومدرسة قسنطينة، ومدرسة تلمسان. وكانت في أول أمرها تحت إدارة جزائرية وتلاميذها جزائريون وبرنامجها عربي - إسلامي، هدفه سد الفراغ الذي حدث بغلق المساجد والزوايا أو هدمها، وكان هدف المدارس الثلاث أيضا هو توفير موظفي القضاء والديانة للسلطات الفرنسية. وبعد حوالي سبع سنوات (١٨٥٧) أنشأت هذه السلطات مدرسة في العاصمة ثم أخرى في قسنطينة (١٨٦٧) أطلق عليها اسم الكوليج الإمبريالي ولنسمها المدرسة السلطانية - كما سمتها