ندري إن كان الديوان قد ضم كل شعره أم جزءا منه فقط. ومهما كان الأمر فإن شاعرا فارسا مثل مصطفى بن إبراهيم سيختلف الناس حوله نظرا للظرف الحساس الذي ظهر فيه ونظرا، للتناقض بين الوظائف التي تولاها وبين السيرة الذاتية التي عرفها الناس ورووها عنه.
[ثورات وشعراء]
تكاد كل ثورة يكون لها شعراؤها الشعبيون الذين يتغنون بأبطالها ويسجلون مآثرها. وكانت ثورة الزعاطشة (١٨٤٩) أبرز الثورات بعد نهاية المقاومة الكبيرة على يد الأمير عبد القادر، وربما يمكن اعتبارها امتدادا لها. وكان زعيمها المعروف هو بوزيان (رغم أن الحاج موسى الدرقاوي كان إلى جانبه) وكان هناك آخرون بالطبع ممن ضربوا المثل في الفروسية والدفاع عن الواحة المعروفة بالزعاطشة إلى أن خربها الفرنسيون عن آخرها وقطعوا نخيلها.
وقد نظم الشاعر الشعبي محمد بن عمر، وهو من واحة ليشانة القريبة من الزعاطشة قصيدة في مدح بوزيان قبل نهاية المعركة. وبعد أن انتهت وعلقت القيادة الفرنسية رأس بوزيان (ورأس ابنه ورأس الحاج موسى) على مدخل المعسكر، أنشد محمد بن عمر القصيدة في حفل قروي سنة ١٨٥١، فاعتقله الفرنسيون وسجنوه في بسكرة بهمة تهديد الأمن العام، مما يدل على تأثير الشعر واتساع ملحمة الزعاطشة. وربما غضب الفرنسيون من كون الشاعر قد شبه بوزيان بالمهدي المنتظر وتلقيبه (باي الصحراء). وكان الشاعر يعتقد أن الثوار كانوا مسلحين جيدا، فكانت بنادقهم وخناجرهم مرصعة وطويلة، كما قال إن بارودهم كان من النوع الإنكليزي. ولا ندري كم دام سجن الشاعر ولا ما العقوبات الأخرى التي نزلت به (١). ولا ننسى أن سنة ١٨٥١ كانت أيضا سنة انطلاق ثورة الشريف محمد بن عبد الله في الصحراء