في الإحصاء العام الذي ختمنا به الفقرة السابقة جاء أن إقليم وهران (الغرب) كان يضم ١٥١ مسجدا سنة ١٨٥٣، منها فقط ثلاثة بنيت في عهد الاحتلال. وهذا الرقم (١٥١) وإن كان أكبر من رقم إقليم العاصمة (الوسط) الذي شهدت مساجده تهديما لا نظير له، فإنه أقل بكثير من رقم مساجد إقليم قسنطينة (الشرق) وهو ٨٧٣ مسجدا (١). والملاحظ أن مساجد إقليم وهران كانت أقل تعرضا للهدم والتحويل والتعطيل من غيرها. فإذا استثنينا مدينتي وهران ومعسكر فإن مساجد الإقليم الغربي بقيت على عهدها تقريبا. أما من حيث الإهمال والحرمان من الأوقاف وإفقار العلماء فقد جرى لها ما جرى للأخريات.
وتواريخ الاحتلال للمدن الغربية مختلفة، ويرجع ذلك إلى أن الفرنسيين وضعوا قدمهم منذ الشهور الأولى في المرسى الكبير ثم مدينة وهران، ثم مستغانم. أما المدن الداخلية فقد كانت تحت يد الأمير عبد القادر حوالي عشر سنوات. وقد أدت حملة كلوزيل سنة ١٨٣٥ - ١٨٣٦ إلى احتلال مؤقت لمدينتي معسكر وتلمسان ثم جلا عنهما الفرنسيون بمقتضى معاهدة التافنة (١٨٣٧) ورجعتا إلى الأمير. وبذلك حافظت المدن الغربية على طابعها الإسلامي إلى استئناف الحرب بين الأمير والعدو في نهاية سنة ١٨٣٩. ولم يحتل الفرنسيون مليانة وشرشال إلا سنة ١٨٤٠، ثم احتلوا معسكر وتلمسان سنة ١٨٤٢، وتيارت ١٨٤٣، وهكذا. وإلى هزيمة الأمير عبد القادر ١٨٤٧، بقيت الحرب دواليك بين الطرفين فلم يكن للفرنسيين مجال لإقامة المستوطنات وهدم الأحياء ومد الطرقات وإقامة المنشآت العامة
(١) نفس المصدر. لاحظ أن الإحصاء يعطي لإقليم الغرب رقما أقل في عدد الزوايا أيضا، وهي ٤٥ بينما الرقم المعطى لإقليم الجزائر هو ١٥٧ زاوية، وإقليم قسنطينة ٥٧ زاوية. ولكن لا يجب الاطمئنان الكامل إلى هذه الأرقام، لأن الناحية الغربية معروفة بكثرة الزوايا والمرابطين.