ولكنه عن صرف قصدي نازح ... لقولي في نظمي (ولا بمجاور)
ولا فرق بين (؟) تابع ومجاور ... بنص الدماميني صدور الأكابر
وحصرهم التحريك في عد ستة ... يدل على الإرداف ياذا المآثر
فأجابه المقري من جديد:
حبا بسلوك من نفيس جواهر ... إمام بدا من نظمه كل باهر
يؤمل تجديد الجواب لأنه ... تقدم قول ليس فيه بظاهر
فقلنا أردت (الصنبر)، إذ هي لفظة ... أتت بعد حين هاج في شعر ماهر
ومن يتوهم فليقف مع نقله ... فيبدل بخفض الطرف رفع المظاهر (١)
[الشعر الذاتي]
يعتبر الشعر الذاتي من أصدق ألوان الشعر، لأن الشاعر فيه يستمد وحيه من عالمه الخاص، فلا مغريات ولا مناسبات ولا مطالب تلح عليه لقرض الشعر، وقد جرت العادة أن نعد من الشعر الذاتي شعر الوصف والغزل والتأمل والشكوى والحنين إلى الأوطان والكشف عن أحوال النفس عند الانقباض أو الانبساط، ولكن الشعر الذاتي ليس كله أو ليس بالضرورة صادقا دائما، فهناك من الشعراء من كان يتكلف الوصف أو الغزل فيأتي شعره باهتا باردا لا حياة فيه، ومنهم أيضا من لا تطاوعه اللغة والخيال فيقصر عن
التأثر في نفوس الآخرين، وقد حفل الشعر في العهد العثماني بعدد من القصائد الذاتية التي قيلت في الأغراض التي ذكرنا، فجاء بعضها جيدا وبعضها وسطا، ومن أبرز الشعراء الذاتيين محمد بن محمد المعروف بابن علي الذي سنتحدث عنه بعد قليل وأحمد بن عمار وسعيد المنداسي وأحمد المقري، وكان بعضهم يعالج هذه الموضوعات بالقصيدة التقليدية وبعضهم
بطريق الموشح، ومن أشهر من استعمل الموشح ونجح فيه ابن رأس العين
(١) أخدنا نص هذا اللغز من (جليس الزائر) المنسوب إلى محمد قدورة، المكتبة الوطنية - الجزائر، مخطوط، بدون ترقيم.