ولا نعرف أن السلك الديني قد اتخذ موقفا من الثورات والمحاكمات والتغييرات التي حدثت في الجزائر، وما أكثرها، ولذلك شعرت الإدارة بواجبها نحو عناصر من هذا السلك فمنحتهم أوسمة معينة سميت بالأكاديمية أو العلمية، وكان ذلك في عهد بداية (التنوير)، عهد جول كامبون (١٨٩١ - ١٨٩٧). ومن رجال الدين الذين حصلوا على الوسام إمام الجامع الكبير، واسمه أمين قدو ربن محمد بن عبد الرحمن، ومحمد السعيد بن زكري إمام جامع سيدي رمضان، وعلي بن الحاج موسى، قيم ضريح الشيخ الثعالبي، وأحمد بن القبطان الإمام المتقاعد (١). وهذه النياشين قد منحت لعدد آخر من رجال الدين الرسميين وحتى غير الرسميين مثل الشيخ محمد بن يوسف اطفيش في بني يسقن، ومحمد بن بلقاسم شيخ زاوية الهامل، وليس الهدف هنا ذكر قائمة من هؤلاء، ولكن الإشارة إلى المكافاة على الخدمة الهادئة والمخلصة التي قدمها أمثال هؤلاء للسلطة الفرنسية، ومن الجدير بالذكر أن منح الأوسمة لرجال الدين كان من إبداعات كامبون لإحكام قبضته بالتقرب إلى هذه الفئة.
ومن هذه الخدمات الوقوف مع فرنسا في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا والدولة العثمانية، وقد بدأت القضية في الواقع منذ الإعلان عن فرض التجنيد الإجباري (١٩١٢). وكان رجال السلك الديني يواجهون امتحانا عسيرا أكثر ربما من زملائهم المدرسين في المدارس الرسمية
(١) انظر المبشر عدد ١٨ ابريل ١٨٩٦، وعدد ٩ مايو ١٨٩٦، أحمد بن القبطان كان إماما في المدرسة العربية الفرنسية التي أسسها الفرنسيون، وكان مأدبا للصبيان، وفي قائمة الممنوحين أيضا أبو القاسم الحفناوي (المحرر في جريدة المبشر) عندئذ، وعمر بن سماية المشهور بالنقش والرسم، وكذلك عمر بن بريهمات المدرس في مدرسة الجزائر، وكذلك عدد من القضاة والقياد.