أيضا دور في تكوين هذه النخبة، ولكن بعض خريجيها سيكونون في صف الهوية الوطنية لأنهم كانوا على صلة بالقضاء الإسلامي والاتصال الدائم بالمواطنين. ومما يذكر أن النخبة كانت أيضا نتاج مدرسة الآداب (كلية) والجامعة في عمومها، ونتاج التعليم الكنسي أو التنصيري.
وسيضم الفصل أيضا مجموعة من الأفراد المنتمين للنخبة، وستلاحظ أن حماسهم للاندماج كان متفاوتا، وأن بعض أعيانهم كانوا أحيانا في صف الانتماء الوطني - مثل محمد بن رحال والحكيم ابن العربي وابن علي فخار. كما ستلاحظ أن أمثال المجاوي وابن السادات والزقاي ومحمود بن الشيخ علي وابن الحاج حمو لم يكونوا من النخبة الاندماجية ولكنهم استعملوا من قبل الإدارة لنفس الغرض أحيانا، ومع ذلك كان هؤلاء ومن سار على دربهم مثل حميدة بن باديس وابن سماية (الابن) ومحمد بن مصطفى خوجة وعمر بن قدور، هم الحصن الذي وقف ضد تيار الاندماج قبل ظهور الحركة الإصلاحية والتيار الاستقلالي بين الحربين.
[مترجمو الحملة وغداتها]
كانت الترجمة وسيلة أساسية للفرنسيين في الجزائر، ونعني بذلك الترجمة من العربية إلى الفرنسية، وهذا يتضمن نقل الوثائق المكتوبة، من رسائل وعقود ملكية وكراء وأوقاف وعرائض، ثم الكتب والمصادر المكتوبة عموما. كما يتضمن الترجمة الشفوية في الاتصال اليومي في المكاتب العربية والأسواق والمحاكم والمعسكرات. فالترجمة هنا تعني النقل الكتابي والشفوي من العربية المكتوبة (الفصحى أو غيرها) والدارجة الشفوية فقط. ومنذ بدأ المستشرقون نشاطهم جمعوا بين العامية والفصحى، ولكن أغلب دروسهم ومؤلفاتهم كانت عن العامية ونقلها إلى الفرنسية. ومنذ آخر القرن الماضي جاءت العناية من قبلهم باللهجات العربية واللهجات البربرية، سيما عشية احتلال المغرب الأقصى والتوغل في الصحراء. ولم تكن العربية الفصحى مترجمة إلا من الكتب التراثية لأنها ذات أهمية خاصة للمستشرقين