تضم هذه الفترة الشعر الشعبي العربي والبربري. وهو كالشعر الفصيح، تناول أغراضا عديدة، ولكنه تناول بالخصوص المدائح النبوية والتوسلات ومدح الفرسان والأبطال، والشكوى من الزمان وأهله أي من الظلم والحرمان، والسياسة ولكن بطريقة ساخرة أحيانا. وفيه يجد الباحث ألوانا من وصف الطبيعة والحب والحكمة والمغامرات والصيد، والمدح والفخر. وقد شاركت كل جهات الوطن في هذا اللون من التعبير. وكان الشعر البدوي صافيا من تأثير الثقافة الفرنسية، ولكن شعر المدن قد تأثر بها، ويظهر ذلك في كثرة الكلمات الأجنبية المعربة.
ولا يعني وجود تلك الأغراض كلها في الشعر الشعبي أننا سنتناولها جميعا هنا. فنحن سنكتفي بوضع التصنيف التالي لهذه الفقرة. سنشير إلى بعض الدراسات التي درست الشعر الشعبي وأغراضه ولغته وتأثيره وصلته بالحياة العامة. ثم نتناول المجامع الشعرية سواء ظهرت في شكل دواوين أو في شكل نماذج في المجلات، كما أننا سنتتبع ردود فعل الشعراء الشعبيين عن الأحداث التي جرت في البلاد مثل الثورات والتشريعات والزيارات وكيف وصفوها. ومن خلالها سنتعرف على بعض هؤلاء الشعراء وأبطالهم من الفرسان المنتصرين أو المنهزمين.
وقبل أن يدرس الجزائريون الشعر الشعبي اهتم به العلماء الفرنسيون منذ الاحتلال لأنه في نظرهم يعبر عن حقيقة الروح الجزائرية المقاومة لاحتلالهم. وقد حاربت السلطة الفرنسية المداحين أو القوالين، وراقبت نشاطهم لأنهم كانوا نقلة هذا الشعر ومروجيه، وكان معظمهم من الشعراء المرتجلين، وأخذ بعض الضباط المستعربين يحللون نصوص الشعر الشعبي الصوفي لغموضه عندهم ولاحتوائه على رموز وتلميحات تاريخية وسياسية