للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مؤامرة) القضاة ومسألة التجنس

والزواج المختلط

وقبل أن نصل إلى ذلك نذكر أن هناك حادثة وقعت، بقالمة سنة ١٨٨١، ويطلق عليها البعض (مؤامرة القضاة)، وهي حادثة كشفت عن عدة جوانب، منها ضعف القضاء الإسلامي، وبداية التحدي، وطريقة تجنيد القضاة، ونظرة صحف الوقت الاستعمارية للموضوع، كما أنها أعطت فكرة عن بروز بعض التيارات السياسية عندئذ، والقضاة الثلاثة المعنيون هم ابن الشتاح، وابن الفاسي، وعلاوة بن الساسي، وقد كانوا يحضرون لهجوم مضاد على هجوم السياسيين المستوطنين ضد القضاة المسلمين والمحاكم الإسلامية، وكان الثلاثة من العاملين خارج قسنطينة، ولكن حركتهم كانت موجهة من هذه المدينة، كما كانت منسقة على نطاق واسع، وتاريخ ١٨٨١ يذكرنا بغزو فرنسا لتونس، وكانت فرنسا حساسة لأي تحرك عندئذ، مفسرة إياه على أنه مؤامرة ضدها، وكان الفرنسيون تتملكهم فكرة منذ ١٨٧١، وهي إمكانية حدوث ثورة أخرى مشابهة في أي وقت، ولذلك كانوا يعيشون في خوف دائم، وهكذا كانت التهمة الموجهة للقضاة الثلاثة هي محاولة تنظيم قوة لتأييد المقاومة في تونس، وكانت التهمة تشمل غيرهم من أعيان الناحية أيضا، ويقول آجرون: إنه كانت للقضاة جمعية شرعية وليست سرية، لها لجنة تجتمع علنا ولها سجل للمداولات، وكانت الجمعية تضم ستين قاضيا وباش عدل، وتذهب تقارير الشرطة إلى أن هناك بيانات تدعو الجزائريين إلى النهوض (الثورة؟) فاعتقلت السلطات عددا من القضاة (١).

وكان مصدر الاتهام هو الشاب مسعود الجياري، وكان من خريجي المدرسة الشرعية - الفرنسية أيضا، ولكنه لم يجد مجالا للعمل في القضاء إذ أدت المراسيم الجديدة إلى التقليص من الموظفين فيه على نطاق واسع، حتى


(١) انظر: آجرون (الجزائريون) ١/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>