للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقالة الصحفية]

عندما تذكر الصحافة في الجزائر خلال القرن الماضي لا بد أن ينصرف الذهن إلى (المبشر) الرسمية لأنها كانت الجريدة الوحيدة التي ظهرت خلال السنوات (١٨٤٧ - ١٩٢٧). ويجب ألا يحتج بالمنتخب لأنها كانت ترجمة في أغلبها للنسخة الفرنسية ولأنها لم تهتم بالأدب والمقالات، كما أنها لم تبق إلا فترة قصيرة. والمعروف أن الصحافة التي يديرها جزائريون لم تظهر إلا أوائل هذا القرن.

ولقد ظهر على صفحات المبشر عدد من الأسماء. ومن الصعب أن ننسبهم للأدب بدون تحفظ، ولكن أقلامهم كانت ترشح بثقافتهم. فإذا عدنا إلى إنتاجهم لاحظنا عليه المسحة الأدبية ومتانة الأسلوب والكتابة الخاصة، كما ذكرنا. ومن هؤلاء حسن بن بريهمات وابن علي الشريف وسليمان بن صيام، ومحمود بن الشيخ علي (الذي ألف والده رسالة هامة في البلاغة) (١). وقد كتب محمود هذا عدة مقالات، منها واحدة سنة ١٨٦٧ بعنوان (نصيحة عمومية لأهل الحضر والبادية)، ونشرها على صفحة كاملة من المبشر وبخط رقيق. نلاحظ أنه رغم طول المقالة لم يستعمل السجع، ولكنه استعمل الشواهد الكثيرة من أحاديث وآيات قرآنية وشعر. وأسلوبه فيها بسيط (٢).

وفي أوائل هذا القرن ظهر عمر بن قدور بأسلوبه الصحفي الجذاب مع تناوله موضوعات حية وهامة. ونشر في صحف الجزائر، ومنها جريدته الفاروق، وجرائد الشرق وتونس. وقد تعرضنا إلى حياته وموضوعاته في مكان آخر (٣). وكان أسلوبه حديثا وقد طوع اللغة إلى روح العصر، ويبدو أنه تأثر بالمدرسة النثرية الجديدة في المشرق. وكانت بعض صحف المشرق


(١) انظر عن ذلك الجزء الثاني من هذا الكتاب، ونعني رسالة (أما بعد).
(٢) المبشر، ٢٥ يوليو، ١٨٦٧. وكذلك فصل مذاهب وتيارات.
(٣) انظر فصل المنشآت الثقافية، فقرة الصحافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>