للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذه على قلتها (حوالي ٣٤ مدرسة فقط سنة ١٨٧٠) كانت قد ألغيت أيضا من قبل ديقيدون. فماذا بقي أمام الجزائريين من مؤسسات تعليمية؟ الواقع أن كل التجربة الفرنسية في هذا الميدان قد ولدت مشوهة وانتهت مشوهة. فلا تعليم ابتدائي منتظم ولا تعليم متوسط يتلقف التلاميذ ويقودهم نحو الثانوي والعالي. وقد عرفنا مرحلة الفراغ الأخرى التي كانت بين ١٨٧٠ و ١٨٩٢ وكيف بقي الجزائريون على حالة دنيا من الإهمال والجهل بينما كان التعليم الفرنسي للفرنسيين يسير سيرا طبيعيا منذ البداية، رصدت له الميزانيات وبنيت له المدارس والليسيات والجامعة، في منظومة دقيقة يقود بعضها إلى بعض، وكان تعليما إجباريا كشأنه في فرنسا. فأين الجزائريون من كل ذلك؟ (١) وقبل أن نجيب على هذا التساؤل نذكر المدرسة الفرنسية الأخيرة في هذا الصدد، وهي مدرسة ترشيح المعلمين (النورمال) التي كان لها دور مهم في تأطير بعض الجزائريين في تجربة التعليم الفرنسي.

[مدرسة ترشيح المعلمين (النورمال)]

نشأت هذه المدرسة في الجزائر سنة ١٨٦٥. وكان إنشاؤها تلبية لحاجة المدرسة الابتدائية الفرنسية/ الفرنسية إلى المعلمين الأكفاء. فقد كثرت المدارس وازداد التلاميذ الفرنسيون تبعا لازدياد عدد المستوطنين. ومن دواعي ظهورها أيضا تثبيت المدرسة الابتدائية الموجهة للجزائريين والتي سميت بالمدرسة العربية/ الفرنسية. وهي التي ظهر منها سنة ١٨٥٠ ست مدارس، ثم ازدادت حتى وصلت إلى حوالي ٣٤ سنة ١٨٧٠.

أول توصية بإنشاء مدرسة لترشيح المعلمين (النورمال) ظهرت في تقرير لجنة الجنرال بيدو سنة ١٨٤٩، وهي اللجنة التي درست موضوع التعليم بتوسع، سيما المتعلق منه بالتعليم الموجه إلى الجزائريين. فقد جاء في تقرير هذه اللجنة: نقترح إنشاء مدرسة لترشيح المعلمين (نورمالية) ابتدائية تكون فيها اللغة العربية (الدارجة) ذات مكانة بارزة وإجبارية. والمقصود أن يكون على المعلم المتخرج من هذه المدرسة، سواء كان


(١) لقد رأيت أن معهد الجزائر لم يتخرج منه بعد عشر سنوات على إنشائه سوى ٣١ تلميذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>