للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه إذن عينات من وسائل الهيمنة الاستعمارية الفرنسية على الجزائر. ونحن لم نتحدث عن أخذ الرهائن والنفي إلى جزر المحيطات، ولا على سياسة (فرق تسد) أو استعمال الصفوف (الأحزاب) بعضها ضد بعض، ولا تسليط وسائل الإعلام الكثيرة لتحقير الجزائري وإهانته، ولا التمييز العنصري في الاعتبار العام وفي المدرسة والمستشفى والمطعم والوظيفة. حقا إن هناك أفرادا، فرنسيين كانوا قد ارتبطوا بالجزائريين ارتباطا إنسانيا، من الإنسان العادي إلى الأديب والأستاذ والفنان والطالب إلخ. ولكن هذه مجرد حالات لا تمثل قاعدة التعامل الحقيقي واليومي، أو الرسمي والشعبي.

ومع ذلك يقف جزائريون جهلة بكل المعطيات التاريخية وكل المعاناة التي خضع لها آباؤهم وأجدادهم ليقولوا إنهم كانوا في ضنك فأصبحوا تحت الفرنسيين في بحبوحة من العيش، اتباعا للدعاية الاستعمارية نفسها التي انطلت عليهم بعد أن ران على قلوبهم غشاء كثيف. فقد وجدنا منهم، بعد جيلين من الاستعمار، من يشكر فرنسا على تعليمهم بعد أن كانوا في جهل، وعلى تنظيمهم بعد أن كانوا في فوضى، وعلى إعطائهم وطنا، بعد أن كانوا بدون وطن. اقرأ كتاب أبي بكر بو طالب، ومقالة ابن حمودة، ورسائل حسني لحمق، وتصريحات فرحات عباس الأولى، ومقالات الزناتي وزملائه (المستضعفين) (١). وهناك غيرهم ممن لم يكتبوا مقالات أو كتبا ولكنهم كانوا يعلنون ذلك بأفواههم في المحافل والمناسبات ويمجدون أعمال فرنسا في الجزائر، سيما بعض كبار الأعيان.

[رأي باصيه، ود. وارنييه، وطوكفيل ...]

أما الجانب الفرنسي فقد أكثر من المن على الجزائريين وذكر التفضل بالنعم والبركات. معظم الفرنسيين كانوا معجبين بما قدمته بلادهم للجزائر.


(١) وهم الذين أنشأوا مجلة بهذا المعنى سموها (صوت المستضعفين)، انظر فصل المنشآت الثقافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>