للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواحد (أولاد فلان، بنو فلان). وكانت هذه الخطوة، التي جاءت بعد مرسوم ١٨٦٣ الخاص بنزع الملكية العرشية وتمليكها للأفراد من العرش نفسه، من أخطر الخطوات التي اتخذت لمحق الهوية الجزائرية ودمج أهلها في البوتقة الفرنسية. وقد أعلن كاميل صاباتييه أمام لجنة ١٨ (١٨٩١) أن الهدف من إنشاء الحالة المدنية هو تحضير الأهالي للاندماج.

أما الضرائب والقوانين المالية فقد استعملها الاحتلال كوسيلة غير رحيمة للسيطرة والقبضة الحديدية. إن احتلال أية قرية أو مدينة كان يعقبه فرض ضرائب حربية وضرائب استسلام. لقد فهم الفرنسيون أن الطاعة أو الخضوع يستلزم دفع الضرائب أو الجزية بكميات لا تتناسب مع القدرة على الدفع. وإذا عجز البعض عن الدفع أجبر الفرنسيون باقي المواطنين على الدفع الجماعي. اسأل عن البليدة والقليعة والمدية وتلمسان ومليانة وقسنطينة، اسأل أي عرش أو قبيلة، اسأل ثوار الأوراس والظهرة وجرجرة والصحراء، عن معاناتهم وبكائهم أمام جباة الإدارة الجديدة وهم ينتقمون منهم دون مراعاة لأي حال أو مآل. وكان العاجز عن الدفع يحمل إلى السجن وبذلك يحرم أولاده وأهله من خدمته. فتتشرد الأسر وتترمل النساء ويتيتم الأطفال. وهناك أيضا ضريبة شاذة تسمى (الضريبة العربية)، لا يدفعها إلا العربي (الجزائري) بالإضافة إلى زكاة العشر. وفي ١٨٧٣ زيد على ذلك ما سمي بالسانتيم الإضافي لخدمة الممتلكات الأهلية، وبعد ذلك بسنة زيذ ١% من الضرائب، وبعدها بسنة ضوعفت مدفوعات الأهالي الضرائبية. وبالإضافة إلى دفعهم الضرائب المباشرة كالفرنسيين، كانوا (الأهالي) يدفعون ضرائب أخرى غير مباشرة بلغت ٤٦% من مجموع الضرائب كلها. ومع ذلك فهناك قوانين تمنع الأعراش من الرعي في الغابات، وتحمل الجزائريين مسؤولية حرائق الغابات وتعاقبهم بالعقوبة الجماعية عليها. ومن ذلك قانون ١٨٨١ (١).


(١) كولونا، (المعلمون)، مرجع سابق، ص ٢٤ - ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>