للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حادا لسياسة بلاده في تكوين رجال الدين والقضاء واللغة العربية. وكثير من المشاهير الذين مارسوا التدريس فيها لم يتخرجوا في الواقع منها بل تكونوا في غيرها أو ساهمت عوامل أخرى في تكوينهم، مثل عبد القادر المجاوي وحسن بن بريهمات وعبد الحليم بن سماية والمولود بن الموهوب ومحمد السعيد بن زكري. صحيح أن لغة تلاميذها كانت مزدوجة وأن ثقافتهم كانت متنوعة وعقليتهم كانت علمية أكثر من زملائهم خريجي الزوايا ومعاهد الشرق وتونس والمغرب، ولكننا نتحدث هنا عن الدور المنتظر منهم في تخصصهم، وهو القضاء الإسلامي واللغة العربية والأدب العربي والترجمة وما إلى ذلك. ومن أبرز المتخرجين من المدارس الشرعية مالك بن نبي، ولكنه لم يبرز إلا بعد أن ذهب إلى فرنسا نفسها واكتشف عبقريته هناك (١).

[المعاهد (الكوليجات) العربية - الفرنسية]

هذا نمط آخر من المدارس أنشأه الفرنسيون في القرن الماضي لفترة محددة ثم ألغوه بعد حوالي اثني عشر سنة من إنشائه. وقد أطلقوا على مؤسسته اسم الكوليج الإمبريالي، أو الامبراطوري نسبة إلى الامبراطور نابليون الثالث الذي تأسس الكوليج في عهده. وكانت جريدة المبشر الرسمية تسميه (المدرسة السلطانية) لأنها تترجم الامبراطورية بالسلطنة. وقد فضلنا أن نطلق عليه اسم المعهد العربي - الفرنسي تمييزا للمدارس العربية - الفرنسية، وكثر استعمال لفظ (الكوليج) خلال القرن الماضي، ولذلك يجب عدم الخلط في الأسماء، فقد سبقت الإشارة إلى إنشاء كوليج الجزائر سنة ١٨٣٧، وهو في مستوى متوسطة، وكان خاصا بالفرنسيين والأوروبيين الذين أنهوا دراستهم الابتدائية. ثم أنشأوا الكوليج العربي في باريس سنة ١٨٣٩، وكان موجها للجزائريين أعيانا وشبانا، ولكن التجربة فشلت فألغي بعد قليل. ثم ظهر الكوليج العربي/ الإمبريالي (السلطاني) الذي نحن بصدده، وكان تاريخ إنشائه هو ١٤ مارس ١٨٥٧.

لقد ظل الجزائريون بدون مدرسة متوسطة تشرف عليها الدولة الفرنسية


(١) انظر ترجمتنا له في فصل العلوم الاجتماعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>