للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سنة ١٨٥٠ حين تأسست المدارس الشرعية - الفرنسية، كما أشرنا، فكانوا لا يجدون أين يواصلون تعليمهم بعد أن يكون الأطفال قد انتهوا من المرحلة الابتدائية في المكاتب (الكتاتيب) ونحوها. وإذا كانت الزوايا متوفرة عندئذ في الأرياف، فإنها في المدن قد وقع الاستيلاء عليها وتحويلها إلى أعراض أخرى ذكرناها في فصل المعالم الإسلامية. وتدهورت حالة التعليم عموما بكل مستوياته. وفي سنة ١٨٤٤ اقترح ليون روش على بوجو إنشاء (كوليج) في مستوى التعليم المتوسط، ولكن التنفيذ لم يتم. ثم تألفت لجنة الجنرال بيدو وخرجت سنة ١٨٤٩ بتوصيات حول التعليم الموجه للمسلمين منها إنشاء ست مدارس عربية - فرنسية ابتدائية وإنشاء ثلاث مدارس شرعية - فرنسية. وقد فهم من ذلك أن الأخيرة هي التي تستقبل تلاميذ المدارس الابتدائية، رغم أن المدارس الشرعية بدأت بكبار السن وبمن لا يعرفون حتى القراءة والكتابة. وكانت الدراسة فيها بالعربية والفرنسية (١).

كان الهدف الأساسي عند الفرنسيين، بعد فترة الإهمال المتعمد لتعليم الجزائريين، هو فرنسة تعليمهم من حيث اللغة ومن حيث المحتوى الفكري وتوجيه الخريجين وجهة تخدم المصالح الفرنسية. فأنشأوا بعد انقراض الجيل القديم عدة مدارس ابتدائية بالفرنسية أيضا، رغم ذكر عبارة (عربية) معها. ثم أنشأوا بعد ٢٧ سنة من الاحتلال مؤسسة تعليمية للجزائريين لا تدرس إلا بالفرنسية. ونعني بذلك المعهد (الكوليج) العربي - الفرنسي. والواقع أنهما اثنان في الجزائر كلها، الأول بدأ يعمل في العاصمة سنة ١٨٥٧ - ١٨٥٨، والثاني بدأ يعمل في قسنطينة سنة ١٨٦٧. وكان من المخطط توسيع التجربة وإنشاء معاهد أخرى في وهران وغيرها، ولكن سقوط الامبراطورية وظهور الجمهورية الثالثة الساخطة على سياسة نابليون (العربية) في الجزائر أديا إلى إغلاق حتى المعهدين المذكورين. ظهر المعهد في عهد الحاكم العام المارشال راندون الذي واصل سياسة بوجو في القضاء على الثورات والاستيلاء على المناطق الباقية من الجزائر


(١) انظر سابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>