في سنة ١٩٢٦. وهي سنة بارزة في تاريخ الوطنية والإصلاح بالجزائر (١).
[مبارك جلواح]
وكانت حياة مبارك جلواح مأساة من نوع آخر. حقيقة أنه أنتج شعرا غزيرا وقام كجندي بأدوار في الجزائر والمغرب وفرنسا، ولكن حياته الذاتية تظل غامضة ومثيرة. ولد سنة ١٩٠٨ (١٩١٠؟) في قلعة بني عباس قرب آقبو. وبعد أن درس على والده القرآن الكريم تعلم تعلما عصاميا في ظاهر الأمر، ربما في بعض الزوايا المحلية، لأن مدارس الإصلاح لم تؤسس بعد، ولأن المدرسة الفرنسية لم تكن متوفرة للجميع. وربما يكون قد دخل المدرسة الفرنسية الابتدائية بعض الوقت. ولا ندري مدى تأثير حياة أسرته على طفولته. فقد كان والده يمارس التجارة والترحال بحثا. عن الرزق. فهل كان ترحال والده في الجزائر فحسب أو حملته قدماه إلى فرنسا أيضا. وماذا كان مصير مبارك أثناء ذلك. وما دور أمه وأسرته في تربيته أثناء غياب والده. كل ذلك يجعلنا نعرف بعض الأسباب التي أحاطت بحياة القلق والوتر التي ظل يحياها خلال شبابه، سيما خلال الثلاثينات.
ولما بلغ الثامنة عشرة من عمره كان من المجندين في خدمة الجيش الاستعماري، شأن الشباب الجزائري. كان ذلك سنة ١٩٢٨، وفي هذه السنة كان الفرنسيون يستعدون للاحتفال بالاحتلال المئوي للجزائر. وبعد التدريب وقضاء فترة لا نعلمها وجد نفسه في المغرب الأقصى في خدمة أحد الضباط المغاربة. وكانت للشاعر فرصة للمقارنة بين حياة الجزائر وحياة المغرب، فرغم أن الاستعمار واحد، فإن هناك فروقا واضحة بين البلدين. فالمغرب حديث العهد بالاستعمار وشخصيته العربية الإسلامية لم تشوه، بينما الأمر لم
(١) عن رمضان حمود انظر محمد ناصر (رمضان حمود الشاعر الثائر). وكذلك مقالة محمد الصالح الجابري (من تاريخ التواصل) في مجلة (الحياة الثقافية)، تونس. عدد خاص ١٩٨٤، ص ٢٢. وكان رمضان حشود قد ساهم في الصحافة المعاصرة، ولا سيما صحافة أبى اليقظان.