للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغيبون مؤقتا ثم يعودون بعلمهم. وأما العمال الذين كانوا يذهبون إلى فرنسا فقد كانوا في البداية يترددون على الجزائر، ثم أصبحوا يطيلون الإقامة ويستقرون في فرنسا. ومهما كان الأمر فإن الهجرة لم تعد تثير الجدل القديم بين العلماء حول وجوبها أو عدمه، وأصبحت هجرة في أغلبها من أجل العلم والعمل والحرية السياسية (١).

[الاندماج، التجنس، النخبة]

كثر الحديث عن الاندماج أثناء الاحتلال حتى كادت الكلمة تفقد مدلولها بل غاب معناها عن الأذهان أحيانا. فما هو الاندماج وهل تطور معناه؟

ترددت الكلمة كثيرا خلال القرن ١٩ في الصحف والنشرات والخطب الفرنسية. وكان المقصود بها عندئذ تطبيق النظم الفرنسية على فرنسي الجزائر من إدارة وتعليم وقوانين وانتخابات، وما إلى ذلك، بحيث يشعر الفرنسي في الجزائر كأنه في فرنسا نفسها. وبمعنى آخر دمج الفرنسيين (والمتجنسين الأوروبيين بالجنسية الفرنسية) في مجتمعهم الفرنسي بكل ما عليه وكل ما فيه. ولذلك بادرت الجمهورية الثانية (١٨٤٨) إلى ربط المصالح الإدارية في الجزائر بمثيلاتها في فرنسا بالنسبة للفرنسيين فقط، فإدارة الداخلية في الجزائر أصبحت تابعة لوزارة الداخلية في فرنسا، وإدارة التعليم تابعة لوزارة التعليم، وهكذا. أما بالنسبة للجزائريين فقد بقي الأمر على ما هو عليه، فكانت تحكمهم إدارة عسكرية تابعة مباشرة لوزارة الحربية بفرنسا.

وكان مصدر التوتر الذي حدث بين المدنيين والعسكريين الفرنسيين، هو أن الحكم الفرنسي كان عسكريا منذ الاحتلال. فالحكم كان في يد الحاكم العسكري وكان يساعده حكام الأقاليم، وهم عسكريون، وتحتهم المكاتب العربية وهى عسكرية. وتبعا لذلك كانت المحاكم عسكرية ومدنية،


(١) عن دور المهاجرين فى المشرق وعلاقاتهم بالجزائر انظر فصل المشارق والمغارب.
عن دور المهاجرين فى المشرق وعلاقاتهم بالجزائر انظر فصل المشارق والمغارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>