للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا سيما الحلي والمطروزات. ولم ينتشر الرسم إلا قليلا بين الجزائريين، كما سنرى، وانتشر بدلا منه الخط والمنمنمات (١).

[الجهاد أو الإحساس المشترك]

١ - والإحساس المشترك بين الجزائريين والعثمانيين هو الذي نود أن نعالجه في هذه الفقرة. ذلك أن أهم ميزات العهد العثماني في الجزائر هي استمرارية فكرة الجهاد ضد الكفار بالمعنى التقليدي للكلمة وبالمعنى الذي آمن به العثمانيون منذ كانوا رعاة في هضاب آسيا الصغرى والوسطى ومنذ أصبحوا جنودا على حدود الدولة العثمانية يغيرون على بيزنطة فيستشهدون أو يغنمون. هذا المعنى للجهاد هو الذي جاء به العثمانيون للجزائر أيضا، فهو من تقاليدهم العريقة. وقد انضاف إليه جهاد الأندلسيين وأهل شمال إفريقية ضد دار الحرب، وهؤلاء كانوا أيضا يستعملون الجهاد في معناه التقليدي الذي ورثوه عن أجدادهم، أمثال عقبة بن نافع وعبد الرحمن الغافقي وموسى بن نصير ويوسف بن تاشفين وابن تومرت وعبد المؤمن. إن العثمانيين وأهل الأندلس وشمال إفريقية يتشابهون كثيرا في هذه النقطة التي تحتاج إلى دراسة مقارنة أكثر عمقا. فجميعهم كانوا جند حدود في الدولة الإسلامية الكبرى. وجميعهم كانوا أصحاب ميول حربية، وجميعهم أيضا آمنوا بالإسلام بعقيدة راسخة واتخذوا من الجهاد طريقا للدفاع عن هذه العقيدة. ويمكننا أن نضيف أن جميعهم كانوا من أهل السنة. ولعل من أسرار التواجد العثماني طيلة قرون في شمال إفريقية أوجه التشابه هذه التي ذكرناها بين الطرفين.

والجهاد الذي مارسه العثمانيون (والسكان معهم في ذلك) نوعان:

جهاد بحري عام وجهاد بري خاص. فالجهاد الأول كان في البحر لا يعرف حدودا سوى حدود الغلبة والهزيمة، فهو حرب بكل معنى الكلمة. كان


(١) عن انتشار الخط انظر فصل المؤسسات الثقافية، فقرة المكتبات، من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>