للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الاثنين أبو راس وأحمد المقري والفكون. غير أن هؤلاء لم يكونوا في توازن في الجمع بين الخطتين. فالأول مثلا قد غلب عليه التدريس رغم كثرة تآليفه والثاني قد غلب عليه التأليف رغم كثرة تدريسه، وهناك مدرسون لم يتركوا إلا قليلا من التأليف كمحمد التواتي (١) وعمر الوزان وسعيد المقري (٢). وهناك من ترك بعض الشروح والحواشي والتعاليق كسعيد قدورة.

١ - سعيد قدورة:

بلغ نفود عائلة قدورة في الجزائر أنها تولت الإفتاء المالكي بالجامع الكبير بالعاصمة أكثر من قرن بدون انقطاع. وكان مؤسس هذه الأسرة علميا هو الشيخ سعيد بن إبراهيم قدورة الذي تولى الإفتاء سنة ١٠٢٨ واستمر فيه إلى وفاته سنة ١٠٦٦. ثم تولاه ابنه محمد من ذلك التاريخ إلى وفاته أيضا سنة ١١٠٧، ثم خلفه أخوه أحمد الذي استمر في الإفتاء من هذا التاريخ إلى مقتله سنة ١١١٨. وبعد انقطاع قصير تولى الفتوى أيضا سعيد بن أحمد قدورة من سنة ١١٢٢ إلى سنة ١١٢٩. كما تولى الإفتاء آخرون يتصلون بعائلة قدورة بالمصاهرة مثل عبد الرحمن المرتضى (٣) الذي كان ابن أخت أحمد قدورة. وإذا كانت بداية هذه الأسرة في وظيفة الإفتاء سعيدة فإن نهايتها كانت مأساة. فقد لعبت السياسة لعبتها القذرة واتهم أحمد بن سعيد قدورة بمعاداته للباشا محمد بكداش فحكم عليه بالسجن ثم بالموت خنقا فمات موتة حزينة (٤) ولكن هذه لم تكن كل النهاية لهذه الأسرة التي لعبت


(١) له (كتاب الخبر في عجائب البشر) الذي أشرنا إليه. وقد حصلت على صورة لأوراق منه. وهو كشكول أدب وتاريخ وأخبار. وقد توفي التواتي بباجة تونس سنة ١٠٣١ وهو أستاذ الفكون بقسنطينة وأصله من المغرب.
(٢) انظر ترجمة الوزان والمقري بعد قليل.
(٣) كان المرتضى متوليا قبل ذلك نقابة الأشراف.
(٤) كانت التهمة الموجهة إليه هي أن له يدا في نفي بكداش عندما كان ما يزال موظفا في حكومة الباشا السابق له حسين خوجة الشريف, ورغم شهرة بكداش بتقدير العلماء فإن انتقامه من أحمد قدورة يعتبر نقطة سوداء في سيرته. وهو نفسه قد قتل قتلة شنيعة على يد المنقلب عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>