المدن التي لم تتضرر كثيرا بالأسلوب الذي طبق في العاصمة وبجاية وقسنطينة مثلا، كما أن زواوة والجنوب لم يدخلهما الاستعمار إلا خلال الخمسينات من القرن الماضي، أي بعد أن اطمأن الفرنسيون على مكاسبهم وخف حقدهم على المعالم، وإن كان قد بقي ضد أهلها.
[مساجد العاصمة]
نستعمل كلمة المسجد والجامع لنفس الشيء، رغم أن المصطلح الفرنسي يفرق بين الجامع وهو المصلي الذي له منارة أو صومعة، وتصلي فيه الجمعة وتلقي فيه الخطبة ويمتاز بالحجم الكبير والضخامة والاتساع للمصلين. أما المسجد فهو المصلى الصغير الحجم والذي ليس له منارة أو صومعة أو له صومعة صغيرة. ويستعمل المسجد على هذا الاعتبار للصلوات الخمس فقط. وهناك مساجد صغيرة الحجم ولكن كانت مصلى لبعض الخاصة كمسجد الداي. وبعض المساجد الصغيرة كانت تابعة للزوايا أو للقباب (الأضرحة)، كما سنذكر، وستعرف أن المساجد الكبيرة (الجوامع) ذات الصوامع والخطباء والمدرسين مذكورة بهذه الصفة في أوقافها في كثير من الأحيان. ولذلك فقد رأينا أن نحافظ على التسميات التاريخية كما وردت في الوثائق، فإذا كانت البناية مذكورة على أنها مسجد في الوثيقة فلن نعطيها اسم جامع، وإذا كانت مذكورة على أنها جامع فلن نعطيها اسم مسجد، ولو كان هذا الجامع تابعا لزاوية فقط أو في حجم صغير.
إن أول مسجد وقع عليه الاعتداء بالهدم الكامل هو جامع السيدة. وكان ذلك سنة ١٨٣٠. وستعرف وصف هدمه بأقلام فرنسية. ثم تلاه توزيع المساجد على الجيش لربط خيوله ووضع عتاده ومراقده ومستشفياته، ثم بدأ تحويل بعض المساجد إلى الكنائس التي سنذكرها وإلى إقامات للجمعيات الدينية الفرنسية، وفي أثناء ذلك كان المعول يستعمل لهدم المساجد الأخرى أو بيعها إلى الأوروبيين ليهدموها، ويبنوا عليها المنازل والحمامات