للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عموما تخوض في هذه الموضوعات محبذة أو ناقدة، كما رأينا في كتابات محمد سعيد الزاهري.

ولكن المرأة الجزائرية الحقيقية كانت كالمرجانة الصافية تنتظر الخلاص على أيدي الحركة الوطنية وليس على أيدي الليكس وابن عابن وبوجيجا وروش. وقد جاءها الخلاص يوم أن خرج المرجان من أصدافه طاهرا طهورا مع فجر ثورة نوفمبر. وعندئذ كشفت المرأة الجزائرية عن هويتها ففاجأت كل الباكين عليها بكاء التماسيح.

[الهجرة أو البقاء]

سال حبر كثير حول وجوب الهجرة من الجزائر أو عدمه بعد تغلب الفرنسيين (الكفار) على المسلمين فيها. وقد انقسم أهل العلم والرأي في ذلك ثلاثة أقسام على الأقل: من يقول بوجوب الهجرة مطلقا لعدم وجود الحكومة الإسلامية، ومن يقول بعدم الهجرة ما دام الفرنسيون قد سمحوا بإقامة الشعائر الإسلامية، ومن يفصل ويقول إن الهجرة واجبة على المستطيع سواء منع الفرنسيون إقامة الشعائر أو سمحوا بها، ولكن بعد تصفية الديون وترتيب حياة العائلات وبيع العقار، أي أن النية في الهجرة والإقامة مؤقتة فقط.

والواقع أن الهجرة الجماعية من المدن التي احتلها الفرنسيون أول مرة، كالعاصمة ووهران وتلمسان ومعسكر وعناية وبجاية، لم ينتظر أصحابها فتوى العلماء ولا حكم الشريعة. لقد حمل القادرون أولادهم وأرزاقهم التي خفت وارتحلوا برا وبحرا، وشرقا وغربا، كما يقول محمد بن الشاهد. وقد هاموا على وجوههم حتى لا تحكمهم قوانين الفرنسيين ولا يخضعون لأحكامهم. وقد نقص عدد سكان العاصمة وحدها بحوالي الثلثين، وفيهم أصحاب الثروة والحرف والعلم. ويقول اس الشاهد (١) الذي


(١) تولي الفتوى في آخر العهد العثماني. وله شعر غزير وقوي. ومن شعره قصيدته في رثاء الجزائر بعد احتلالها. وقد تداولها الكتاب ونشرها بول فانسان بعد ترجمتها، =

<<  <  ج: ص:  >  >>