يستغرق ساعتين مساء، وفي اليوم التالي يعاد نفس البرنامج، وبالإضافة إلى الإذاعة باللغات الثلاث المشار إليها هناك اللهجة العربية الدارجة، كما كان لها برنامج أسبوعي خاص موجه إلى العمال الجرائريين بفرنسا.
أما المشاكل التي واجهتها هذه الإذاعة السرية فلا حصر لها، ومن أهمها العزلة، فهي مقطوعة عن جبهات القتال وعن أخبار الثورة في الخارج، كما أنها كانت تفتقر إلى المواد الخبرية، وكانت تعاني من تشويش العدو وخطره المتواصل عليها، وحين اكتشفت سنة ١٩٥٨ أوقفها المشرفون عليها، وهو ما أنقذ حياتهم أيضا، وفي عام ١٩٥٩ توقفت هذه الإذاعة مدة أربعة أشهر حين أصر عمالها على ضرورة إنشاء إذاعة ثابتة وعلى توفير الحماية لهم فنقلوا إلى داخل الحدود المغربية تحت حماية جيش التحرير (١).
وفي الأخير نقول إن الإذاعة السرية قد لعبت دورا رئيسيا كوسيلة إعلامية مؤثرة لجبهة التحرير بتوعية الشعب وبث الثقة في النفس، وتجنيد الجماهير وراء الثورة ومنحها الأمل في النصر، وإذا كانت الإذاعة السرية وصوت الجزائر من تونس ومن المغرب قد نجحت في أداء رسالة جبهة التحرير في الداخل فإن إذاعات القاهرة ودمشق والكويت وغيرها من الإذاعات العربية قد نجحت في تبليغ رسالتها إلى الخارج.
[صوت الجزائر من الإذاعات العربية]
كذلك شهدت سنة ١٩٥٦ انطلاقة (صوت الجزائر) من تونس أيضا، وقد تميز بصوت عيسى مسعودي الذي لفت إليه الأنظار وأصبح الناس ينتظرون سماع صوته بشوق، وكانت مدة البث نصف ساعة فقط، وبالإضافة إلى مسعودي
(١) عواطف، الصحافة العربية، مرجع سابق، ص ٦١، وتقول هذه الباحثة إن قلة المادة الخبرية جعلت القائمين عليها يختلقون أحيانا حتى معارك وهمية (ص ٦٠) وهكذا تطورت الإذاعة واستقرت منذ بدأت تذيع من الحدود المغربية في ١٢ يوليو ١٩٥٩.