الشعوب الإسلامية كانت يقظة عارفة بحقوقها وواجباتها، ولا حتى العلاقة مع الشيخين الإبراهيمي والورتلاني كانت على ما يرام بسبب موقفهما من البعثات الطلابية وربما بسبب الوضع في الجزائر عندئذ وحتى بعض التنافس أيضا (١).
[رحلة الباهي فضلاء]
في العام الأول للثورة سافرت جماعة من أهل الفن إلى القاهرة بقيادة الباهي فضلاء واتصلت بالأوساط المسرحية والسينمائية، كانوا كبقية الفنانين الجزائريين في ذلك الوقت، يحلمون بزيارة مصر لأنها بلغت درجة كبيرة في عالم الفن، ولكن هذه الرحلة خيبت أحلام الجماعة، بدأت المبادرة منذ حلت الفرقة المصرية بقيادة يوسف وهبي في الجزائر قبل عام تقريبا (١٩٥٤)، فقد عرضوا على هذا الفنان الكبير فكرة زيارة مصر فوافقهم على ذلك ووعدهم بتسهيل المهمة، وقد سافر معهم محمد الطاهر فضلاء أحد المعجبين بيوسف وهبي.
كانت الرحلة بالسيارة، مرورا بتونس وطرابلس، وقد سجلت الفرقة بعض الانطباعات والمشاهدات واللقاءات في كل مكان حلت به، ولكنها لم تدون ذلك بالتفصيل، وعندما حلوا بطرابلس التقوا بفرقة ليبية هاوية جديدة بقيادة مصطفى الأمير، رحب بهم الليبيون واستضافوهم، بل طلبوا منهم الاشتراك في تمثيل إحدى المسرحيات فلبوا الطلب، وقدموا رواية (الصحراء) ليوسف وهبي، وهي الرواية التي سبق أن مثلت على مسارح الجزائر، وأحرزت نجاحا باهرا، حسب الراوي.
واصلوا السير نحو القاهرة التي حلوا بها آخر شهر نوفمبر ١٩٥٥ ونزلوا ضيوفا على يوسف وهبي، وقد أتاح لهم فرصة حضور التدريبات الجارية يوميا
(١) البصائر ٢٨٩، أنظر أيضا محضر جمعية العلماء في كتابنا أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر ج ٢.