للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أستاذ التعليم العالي في العادة يلقي ثلاثة دروس يوميا، واحد في الصباح وثان بين الظهر والعصر وثالث بين العصر والمغرب. وكل درس كان يستغرق من ساعتين إلى ساعتين ونصف. وكان لكل أستاذ مسمع أو ممل. وكانت حلقة الدرس مفتوحة للجميع. وتثبت بعض الإحصاءات أن المراكز التي أشرنا إليها كانت تستقبل بين ستمائة وثمانمائة طالب في كل إقليم، أي بين ألف وثمانمائة وألفين وأربعمائة طالب في القطر كله (١).

٤ - تعليم المرأة:

ولعل من سيئات العهد العثماني أيضا عدم إعطاء المرأة نصيبا من التعليم. ورغم أن هذه المسألة ليست خاصة بالجزائر فالظاهر أنها كانت فيها أكثر حدة. ذلك أن المرأة الجزائرية المسلمة كأنها كانت غائبة طيلة هذا العهد على المسرح الرسمي. فلا أميرات ولا سيدات مجتمع يشاركن في الحياة العامة ويكن قدوة للأخريات، ولا شواعر أو كواتب يسهمن في الحياة الثقافية وترقية الذوق الاجتماعي. فالمجتمع الجزائري من هذه الناحية كان أشل. ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن الحكام كانوا غالبا من العزاب والمغامرين. وكان ما يشغل وقتهم هو جمع المال والبقاء في الحكم، فإذا اهتموا بالمرأة فإنه لا يعنيهم منها دينها ولغتها وتعلمها ومكانتها الاجتماعية ولكن كونها من الجواري والأسيرات المسيحيات بالدرجة الأولى. وقد بالغوا في ذلك حتى اعتبروا الزواج من المرأة المسلمة مذلة وحطة من شأنهم، وجعلوا أبناءهم منها في درجة العبيد بينما أبناؤهم من الجواري والبايا المسيحيات أحرارا يحكمون ويرثون وظائف آبائهم. ومن ثمة لم يهتموا بتعليم المرأة المسلمة، كما أن معظم الحضر وسكان الريف قد أهملوا هذا الموضوع على قاعدة (الناس على دين ملوكهم) وغيرة على بناتهم في مجتمع لا تكاد المرأة تظهر فيه حتى يعتدى عليه (٢).


(١) اميريت (مجلة التاريخ الحديث والمعاصر)، ١٩٥٤، ٢٠٤.
(٢) ذكرنا من قبل أن الجنود الأتراك كانوا يسكرون ويعربدون ويعتدون على النساء والصبيان إذا صادفوهم في الطريق، لذلك كان البراح ينادي إذا خرج الجنود في =

<<  <  ج: ص:  >  >>