تتحول إلى ثورة عقائدية كما ذهب إلى ذلك محررو برنامج طرابلس الذي وافق عليه أعضاء مجلس الثورة بالإجماع، وهو البرنامج الذي اختار المذهب الاشتراكي للثورة العقائدية رغم اعترافه بأن الشعب الجزائري كان معتزا بانتمائه إلى الحضارة العربية الإسلامية وأنه عبر عن هذا الاعتزاز والارتباط قبل الثورة حين أنشأ المدارس العربية الحرة التي بناها من تبرعاته وصانها.
والغريب أن يكتفي محررو برنامج طرابلس بهذه الإشارة إلى تعلق الشعب بانتمائه الحضاري دون الرجوع إلى المرجعيات الأساسية المتمثلة في عرائض النخب المدنية خلال القرن التاسع عشر، وهي العرائض المطالبة بالتعليم العربي الإسلامي وإعادة الأوقاف إلى أهلها المسلمين ليوظفوها في التعليم كما كانوا في السابق، ولم يشيروا إلى مقاطعة المدارس الفرنسية في الأرياف، واغتراب الجزائريين من أجل التعلم في المعاهد الإسلامية التي اختفت من بلادهم ... ورفض الشعب التخلي عن أحواله الشخصية الإسلامية رغم المغريات بمنح المواطنة الفرنسية والتمتع بجميع الحقوق التابعة لها، كما حصل مع يهود الجزائر.
ولك بعد ذلك أن تقارن بين حرص الوفد الفرنسي على الحصول على امتيازات وضمانات للغة والثقافة الفرنسية في اتفاقيات ايفيان في الجزائر المستقلة وبين تحفظات وتحذيرات اللجنة التي صاغت برنامج طرابلس فيما يتعلق باللغة العربية وموافقة المجلس الوطني عليها.
[العلاقة الثقافية بين ما جاء في تقرير صبيح واتفاقيات إيفيان]
في التصريح الذي أعلنته الحكومة المؤقتة للشعب الجزائري غداة التوقيع على اتفاقيات إيفيان ووقف إطلاق النار جاء أن الاتفاقيات قد حققت: الوحدة الترابية، واستقلال الجزائر، والاعتراف بوحدة الشعب الجزائري، وتخلي فرنسا عن مفهومها القاضي بأن الجزائر خليط من الجاليات المختلفة، والاعتراف بالشخصية الوطنية للشعب الجزائري صاحب الثقافة العربية الإسلامية التي