وإذا كانت العناصر الأربعة الأولى في هذا التصريح لا تهمنا هنا فإن العنصر الخامس يهمنا لأنه يحتوي على عبارة مفتاحية وهي أن الشعب الجزائري هو صاحب الثقافة العربية الإسلامية وأن هذه الثقافة قد انصهرت عبر الزمن في لهيب المعركة، والمتأمل جيدا في هذه العبارة يلاحظ عليها عدة ملاحظات.
أولا: الاعتراف بأن الشعب الجزائري يمثل الثقافة العربية الإسلامية، ومن ثمة فهو شعب له هوية أقدم من معركة الاستقلال ومن الاحتلال.
ثانيا: أن وحدة الشعب قد التحمت ليس بالإجراءات والتلفيق والتفاهمات ولكن في المعارك الحديثة والقديمة دفاعا عن هويته واستقلاله.
ثالثا: كان المتوقع ألا يتقيد المفاوضون بين الوحدة والثقافة والهوية وبين معركة الاستقلال، ذلك أن الشخصية الوطنية ليست وليدة ثورة نوفمبر وحدها ولكنها ممتدة عبر عصور طويلة.
إلى أي مدى تضمنت اتفاقيات إيفيان محتوى تقرير اللجنة الثقافية التي أسميناها بلجنة ميسوم صبيح؟ إن على المرء أن يعود إلى الاتفاقيات ويقارن بين ما أخذ به الوفد المفاوض وما تركه في الأرشيف، ثم إن الاتفاقيات وما حوته يتعلق بعهد الاستقلال، ونحن إنما ندرس فترة الثورة نفسها.
أما التقرير فقد تضمن تركيزا خاصا على أمور نريد إجمالها فيما يلي:
- التعليم الوطني (الاستعمار منع الجزائريين من التعلم طيلة ١٣٠ سنة).
- عدم تحديد المرجعية الثقافية.
- ضرورة إدارة جزائرية للتعليم (وزارة) أو إدارة عامة بإشراف جزائري.
- على المفاوض أن يصل مع الطرف الآخر إلى النص على مرحلة انتقالية لسد الخلل الذي تركته ١٣٠ سنة بالنسبة للغة العربية والفرنسية.