للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عيسى الثعالبي]

كل المصادر التي ترجمت لعيسى الثعالبي لا تذكر إلا تاريخ وفاته بمكة سنة ١٠٨٠. فتاريخ ميلاده إذن غير معروف، ولكننا نعرف أنه ولد بالجزائر في موطن أجداده الثعالبة الذين كانت إمارتهم تمتد من نواحي مليانة غربا إلى سهول وادي يسر شرقا. وهو من نسل عبد الرحمن الثعالبي دفين مدينة الجزائر الشهير. وكانت حياته الأولى متقلبة لم تعرف الاستقرار لأنه خالط أثناءها أهل الحكم، ولم يكن الحكم عندئذ مستقرا. ومن حسن حظ الثعالبي أنه نجا برأسه من الحوادث التي عاصرها في بلاده. ولكن الجزء الثاني من حياته الذي قضاه في المشرق كان هادئا انقطع فيه للعلم والدراسة والتدريس والتأليف واقتناء الكتب.

تلقى الثعالبي العلم إذن بمسقط رأسه فترة من الوقت ثم قدم إلى العاصمة لمتابعة دروسه. وكانت العاصمة في بداية القرن الحادي عشر تحتضن عددا من العلماء ذكرنا بعضهم فيما مضى (١). ولم تكن شهرة سعيد قدورة قد وصلت ما وصلت إليه من الذيوع ومع ذلك تتلمذ الثعالبي عليه وروى عنه الحديث بالخصوص. وقد قال المحبي أن الثعالبي قد روى عن قدورة الحديث المسلسل بالأولية والضيافة على الأسودين التمر والماء وتلقين الذكر ولبس الخرقة والمصافحة والمشابكة. ومن ثمة نعرف أن الثعالبي قد بدأ بداية تصوفية كما أنه قد اتصل بعلم الحديث اتصالا قويا وهو ما يزال في شبابه الباكر. وقد نقل الثعالبي مروياته عن قدورة إلى الأجيال اللاحقة فيما سيكتبه من إجازات.

ولكن الذي أثر على عيسى الثعالبي هو علي بن عبد الواحد الأنصاري السجلماسي، وهو، كما عرفنا، معاصر لقدورة. فقد لازمه الثعالبي أكثر من


= والنثر من هذا الجزء. والرسالة محققة ومنشور ة حديثا.
(١) انظر ترجمة سعيد قدورة في فصل التعليم من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>