وعلى هذا الأساس كثرت المدارس وانتشر التعليم في الجزائر حتى أثار ذلك استغراب ودهشة المحتلين الفرنسيين الأوائل والسواح الذين جاؤوا على أثرهم، كما شهدت عليه التقارير الرسمية التي سنعرض إليها.
إننا سندرس في هذا الفصل التعليم الفرنسي، والتعليم المزذوج (الفرنكو - ميزولمان). كل عنوان له تفريعات ومحاور سنوردها في مكانها. وللتعليم الفرنسي في الجزائر مراحل سنعرفها، كما أن للتعليم المزدوج مراحله. ولا بد أن نذكر هنا أن التعليمين نشطا منذ العشرينات من هذا القرن، وتنافسا، رغم عدم التكافؤ في المنافسة.
[التعليم الفرنسي]
نعني بالتعليم الفرنسي التعليم الذي تشرف عليه الإدارة الفرنسية مهما كانت لغته. ومعنى ذلك أننا سندرس تحت هذا العنوان التعليم الموجه للجزائريين وأحيانا التعليم الموجه للفرنسيين أيضا. وأثناء ذلك سيكون التعليم وحيدها أو مزدوجها، وقد يكون تعليما منفصلا (عنصريا) أو مندمجا. كما أن التعليم الفرنسي بأنواعه قد عرف مراحل عديدة في كل نوع. فكيف جرى ذلك؟ ولنتحدث الآن عن التعليم الفرنسي الموجه للفرنسيين والأوروبيين الذين حلوا بالجزائر منذ ١٨٣٠.
[نشأة المدرسة الابتدائية الفرنسية]
لم يعرف هذا التعليم أية صعوبات لا مادية ولا إدارية ولا مالية. فالميزانية متوفرة دائما سواء من الدولة أو من الحكومة العامة أو من البلديات. وقد وصف دائما بأنه تعليم مزدهر، وأنه يتماشى مع روح الاستعمار التي يغذيها المستوطنون (الكولون) ومن المعروف أن هذا النوع من التعليم موجه إلى خدمة الجالية الفرنسية وإسعادها وتلبية مطالبها. وكانت هذه الجالية تزداد مع السنين بدرجات متفاوتة. فبين سنوات ١٨٣٠ و ١٨٥٠ استوطن الجزائر ٦٣.٤٩٧ بين فرنسيين وأوروبيين. وبين ١٨٥١ و ١٨٦٠