ومن سوء حظ صاحب التقرير أن توصياته بقيت حبرا على ورق وأن الوزارتين المعنيتين قد وضعتا التقرير على الرف لأنه فيما يبدو غير موضوعي ولأنه مفعم بروح الانتقام المجاني، فكيف تقوم الحكومة المؤقتة، وهي وسط المعمعة بمنع الطلبة في المشرق العربي من الدراسة ومن حق العيش بقطع العلاقة مع نخبة من أبناء الجزائر؟ فهل كانت جبهة التحرير تعمل في غابة منعزلة بعيدا عن الأنظار والأسماع؟
على كل حال فإن التقرير قد احتوى على تفاصيل عن نشأة الاتحاد وظروفه، ونشأة رابطة القاهرة وتنظيمات الطلبة في العراق وسوريا والكويت، ثم الرابطة الأم، وحق تمثيل الاتحاد في المؤتمرات الطلابية العربية والخطط المعلنة والمضمرة، وهو مقسم إلى فصول وعناوين وأرقام، وله خاتمة وتوصيات (١).
[المؤتمر الرابع للاتحاد]
للمؤتمر الرابع لاتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين أهمية خاصة، فقد انعقد لأول مرة خارج أوروبا (فرنسا)، انعقد في بلاد عربية نالت استقلالها حديثا وجارة للجزائر هي تونس، وانعقد بعد تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزايرية، وقد أصبح لها شأن في القضايا الدولية واعترفت بها دول عديدة على رأسها البلاد العربية، وكذلك بعد إعلان الرئيس الفرنسي استعداد بلاده لتطبيق مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري مما جعل فكرة استقلال الوطن على الأبواب وأصبح ذلك مسألة وقت فكانت لغة المؤتمر الرابع السائدة هي الإعداد للجزائر المستقلة، كما أن التوازن الدولي جعل الاتحاد ينجح في مخاطبة الاتحادات العالمية والوطنية من موقع الحياد والقوة والاستقلالية، وقد
(١) انظر الأرشيف الوطني، علبة ٢١ - ٥٠، بدون تاريخ، ولكنه مكتوب بعد سبتمبر ١٩٥٨، وعنوانه الكامل هو: تقرير إلى السيدين وزيري الداخلية والشؤون الثقافية عن أداء الطلبة الجزائريين في البلدان العربية.