أن أشرنا، عن الدراسة تماما، ثم يستأنفونها وهم كبار في المدارس والمساجد، وخلال هذا الانقطاع كان التلميذ ينسى معلوماته، وقد ينسى معظم القرآن الذي حفظه إذا لم يتعهده بالتكرار وصلاة التراويح به خلال شهر رمضان. كما أن بعض التلاميذ قد يدخلون ميدان التجارة أو الفلاحة (إذا كانوا من أهل الريف)، وقد ينخطرون في الجيش، إلى غير ذلك من شؤون الحياة الأخرى، والسبب في هذا الانقطاع الاضطراري للراغبين في مواصلة التعلم هو عدم وجود سلم تربوي ينتقل بمقتضاه التلميذ من مرحلة إلى أخرى. ذلك أن الغالب فيمن يذهب إلى المدارس والمساجد أن يكون رجلا ناضجا لا مراهقا في الرابعة عشر، والحق أن طلاب الثانوي، إذا استثنينا بعض طلاب زوايا الأرياف، كانوا في العادة آباء أو في درجة الآباء.
٢ - في التعليم الثانوي:
يلتحق الطالب بعد ذلك الانقطاع بالمسجد أو المدرسة ليتابع دراسته المتوسطة والثانوية. فإذا كان فقيرا أو قادما من مكان بعيد أعطى سكنا في الزاوية المعدة لاستقبال الطلبة الفقراء والغرباء، وقد لا يجد السكن في الزاوية ولكنه يجد فيها الطعام. كما أنه قد لا يجد فيها الطعام وإنما يجد السكن لأن كل ذلك خاضع لنصوص الوقف وإمكانياته وخاضع أيضا لإمكانيات الزاوية من هدايا الناس إليها ومداخيلها. ومن عادة الطلبة أنهم لا يدرسون في مدنهم أو جهاتهم بل يبتعدون عن مواطنهم فيقصدون المساجد والزوايا البعيدة التي اشتهر فيها بعض المدرسين أو اشتهرت هي بأنها قد أخرجت عددا من العلماء مثل مدرسة مازونة وزاوية ابن علي الشريف والجامع الكبير بالعاصمة.
يدخل الطالب إذن مكان الدرس فيجد المدرس أو المدرسين وحولهم الطلاب في حلق أو نصف دوائر، وكل مدرس يتناول مسألة أو كتابا معينا، فإذا كان الطالب قد كون فكرة واضحة عن مدرس بعينه قبل مجيئه فإنه يقصده مباشرة ويجلس إلى حلقته ويتابع دراسته معه في المادة التي يدرسها أو