وقد افتخر ابن مهنة بكتابه في الخطب المنبرية واعتبره فريدا من نوعه واعتبر نفسه موضع حسد بسببه. وقد سبقت الإشارة إلى كونه يرى عمله قد احتوى على ما لا يوجد في غيره، ثم أضاف (وبالجملة فهو ديوان يعجز عنه أهل العصر، خصوصا أهل هذا المصر) وهو يقصد هنا علماء الجزائر الذين عجزوا في نظره عن الإتيان بمثله. وقد لمح إلى أنه محسود على علمه، فقال مستشهدا:
إن يحسدوني فإني غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل العصر قد حسدوا
والخطب التي أوردها كلها مسجعة. وجعل لبعضها عناوين مثل (في فضائل عاشوراء). وموضوعات الكتاب تدور حول الوعظ والزهد والمولد النبوي والحج ودخول المحرم والموت ورؤية هلال رمضان، والترغيب والترهيب. وآخر الموضوعات هو وداع العام الهجري. وفي المخطوط تعاليق بخط المؤلف وأحيانا بخط الناسخ أو أحد تلاميذ المؤلف. وفي البداية عثرنا على تقريظ مكسور الأبيات لأحد تلاميذ المؤلف اسمه ابن ردسلي عبد الكريم بن عمر. وبدأ ابن مهنة الخطب بشهر محرم فكانت له خطبه، ثم خطب خاصة بكل شهر من شهور السنة الهجرية (١).
[خطب أبي يعلى الزواوي]
كتب أحمد توفيق المدني سنة ١٩٣١ متحدثا عن الخطابة عند الشيخ أبي يعلى الزواوي، فقال: (أخرج الخطب المنبرية من صيغتها التقليدية العتيقة إلى صيغة قومية مفيدة. فهو يخطب للعامة ارتجالا في مواضيع إسلامية محلية مفيدة. ويعتبر خطابه درسا بحيث لا ينتهي منه إلا وقد اعتقد أن كل من بمسجد سيدي رمضان من رجال ونسوة قد فهموا جيد الفهم
(١) المكتبة الوطنية - تونس رقم ٣٧٥٥، أوراقه ١٠٤، حجم ٢٢، ٨ في ١٦، ٥، ولا وجود لتاريخ الانتهاء منه.