وتوسيط الشيخ العروسي للوصول إلى ذلك الإصلاح، كما أن هواء قمار الصحي كان يجلب شيوخ وعائلات زاوية تماسين إليها لقضاء بضعة أشهر من كل سنة في الربيع والصيف، حتى أنهم كانوا يعتقدون أن الأولاد يموتون لهم إذا بقوا في تماسين في تلك الشهور.
أما زاوية تماسين فاستمرت الوراثة فيها بعد الشيخ محمد بن محمد العيد على النحو التالي: توفي الشيخ محمد هذا سنة ١٣٣١ (١٩١٢). وخلفه ابنه البشير إلى وفاته ١٣٣٦، ثم خلفه ابنه محمد العيد وتوفى سنة ١٣٤٠ (١٩٢٧). ثم خلفه عمه أحمد بن محمد الذي امتد عهده ٥٣ سنة، وتوفي سنة ١٣٩٨ (١٩٧٨).
[تعاليم وأوراد التجانية وموقفها من فرنسا وتركيا سنة ١٩١٤]
استخدم الفرنسيون مختلف الوسائل لاستغلال ما أسموه (بالصفوف) وهم يعنون بها الأحزاب والانشقاقات والنزاعات القبلية والشخصية والدينية والطبقية ونحوها، ويهمنا هنا (صفوف) الطرق الصوفية، فقد أوحوا إلى كل طريقة بأن الطريقة الأخرى تنافسها وتريد أخذ مكانها وأتباعها وزياراتها (نقودها). ثم أوحوا إلى كل مقدم في الطريقة الواحدة بأن المقدمين الآخرين ينافسونه على الزعامة والمال والجاه، وهكذا نشأ بين الطرق توتر لا عهد لها به، ونشأ بين المقدمين تنافس لا يعرفونه من قبل.
وهكذا أوحوا للطريقة التجانية بضرورة (قطع العلاقات) مع القادرية منذ عهد الأمير، ومع الشيخة منذ الستينات، لأن من الشيخية من يتبع القادرية التي مثلتها فرنسا للتجانية كأنها الخصم العنيد لها، بينما الواقع أن كلا من الشيخية والقادرية أصبحتا تتعاملان مع الفرنسيين بطريقة الأمر الواقع، وقد رأينا أن فرنسا قد ركبت الشيخية ووظفتها لأغراضها أيضا، كما ركبت القادرية ووظفت بعض فروعها، على الأقل، لأغراضها أيضا، فما