للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق إذن؟ الفرق أن ممثلي الفرنسيين لا مبدأ لهم في التعامل مع (الرعايا) الجزائريين، سواء كانوا تجانيين أو قادريين أو شيخيين أو غيرهم، ما داموا جميعا يعلنون الولاء لفرنسا ويضربون بعضهم البعض.

ونفس الموقف وقفه الفرنسيون من الطيبية والزيانية والكرزازية فقد أعلنوا للتجانيين أن هذه الطرق (مغربية) وأنها تريد أن تضعف من نفوذهم في غرب الجزائر، وأن فرع فاس التجاني عميل للسلطان في المغرب، وخوفوا التجانيين بأن نفوذهم في الساورة والرقيبات والساقية الحمراء سيضيع، وقالوا لهم، سنة ١٨٨٤، أن نفوذكم في السودان وإفريقية الوسطى أقل مما كان عليه منذ عشرين سنة، لأن الطريقة السنوسية هناك أخذت منكم المبادرة، ويضيف أحد الكتاب الفرنسيين الزيت للنار فيقول: إن الطرق الأخرى تنظر إلى التجانية نظرة سخط (عدا الطيبية) لمهادنتها الفرنسيين، ولأنها كانت محل هجوم هذه الطرق المنافسة لها في كثير من المناسبات (١). وحين ظهرت الحركة الإصلاحية في العشرينات وقع هجوم آخر على الطريقة التجانية ليس فقط من جهة موالاتها ومهادنتها لفرنسا التي لم تعد في حاجة كبيرة إليها، وإنما من جهة عقيدتها الصوفية وتعاليمها وأذكارها وممارساتها (٢). فما هي العقيدة الصوفية للتجانية؟.

...

والمرجع الرئيسي للتجانية هو كتاب (الكناش) الذي أشرنا إليه والذي قلنا إن الشيخ أحمد التجاني قد أملاه على بعض تلاميذه، وهما الحاج علي حرازم ومحمد بن المشري السائح، وضمنه تاريخ حياته وعقيدته الصوفية، ووصاياه إلى أتباعه، وهو يحمل تاريخ ذي العقدة ١٢١٤ (مارس/ ابريل


(١) هنري قارو، مرجع سابق، ص ١٦٨ - ١٦٩، ذكر دو فيرييه، ص ٣٠٨ أن الطيبية قد تعاونت مع بني جلاب لزعزعة نفوذ التجانية، في عهد الحاج علي التماسيني، وبنو جلاب هم حكام (سلاطين) تقرت حيث تقع زاوية تماسين، ويرجع أصل بني جلاب إلى بني مرين.
(٢) سنذكر ذلك في حينه، انظر لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>