للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باريس ومقابلة وزير التعليم، وكان يرافقهم مفتش المدارس العربية في الجزائر. ولاحظت الجريدة أن معظم المعلمين الشبان كانوا من منطقة زواوة، وكانوا يحملون الشهادة الابتدائية، ويتكلمون الفرنسية بطلاقة، وقد عبروا عن إعجابهم بما شاهدوه في فرنسا من مظاهر التمدن، وقالت: (ولا شك أنهم لما يعودون إلى مقرهم يبقى ما رأوه أثناء سفرهم في الوطن (فرنسا) الذي كأنه وطنهم، منقوشا في صفحات قلوبهم). وبذلك يكونون في رأيها قادرين على (بث تمدننا في وطنهم الأصلي). وأثناء هذا الحفل الاستقبالي وبعد خطاب الوزير، عبر أحد التلاميذ بكلمات مناسبة، وكان هذا التلميذ ممن سبق لهم العمل في الجيش الفرنسي بمدغشقر بصفته ترجمانا، كما عمل وشارك في المعارك (١).

ومن الواضح أن المدرسة النورمالية كانت في ذهن الفرنسيين مشتلة للاندماج الحضاري والدعاية، رغم أنها كانت قائمة على التفريق العنصري في برنامجها واختيار تلاميذها، كما لاحظنا.

[البرنامج والميزانية]

تحدثنا حتى الآن عن برامج وتمويل المدارس الرسمية الثلاث، والمعاهد، ومدرسة ترشيح المعلمين، داخل كل وحدة. ونريد الآن أن نتحدث عن برنامج وتمويل التعليم العام (ابتدائي وغيره) الموجه للأطفال الجزائريين. بالإضافة إلى المواد المقررة في مدرسة ترشيح المعلمين.

فمنذ البداية كان هدف البرامج التعليمية الفرنسية هو فرنسة الإنسان الجزائري وسلخه عن ماضيه وإدخاله، إذا أمكن، في الهوية الفرنسية أو يظل على جهله الكامل. وكان الفرنسيون لا يخفون ذلك لا في تصريحاتهم ولا في تقارير لجانهم ومسؤوليهم. ولذلك فإنه بعد الإهمال المقصود لتعليم


(١) جريدة المبشر، ٢٢ غشت، ١٨٩٦. سبقت منطقة زواوة إلى التعليم الفرنسي منذ الثمانينات لأن جهود الآباء البيض والمسؤولين الفرنسيين قد ركزت عليها. كما كان معظم تلاميذ مدرسة ترشيح المعلمين الأوائل من نفس المنطقة كما أشرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>