العثمانيين لم يهملوا تماما وسائل نشر التعليم الديني ورعاية المجتمع الخيرية، غير أن هناك عوامل أخرى تدخلت فجعلت الأوقاف غير فعالة في خدمة التعليم والنهوض بالمجتمع. كما ساعدت على نشر الغموض والتصوف والشعوذة ومظاهر التخلف الاجتماعي الأخرى. ومهما كان الأمر فإن الأوقاف هي التي كانت وراء بناء المساجد للعبادة والتدريس. وهذا ما سنتناوله الآن.
[المساجد]
١ - كثيرا ما يختلط على الباحث اسم الجامع والمسجد والزاوية. ذلك أن بعض الجوامع والمساجد كانت تابعة لزوايا معينة، كما أن بعض الزوايا كانت تابعة لجوامع ومساجد معينة. والتداخل ليس في الاسم فقط بل في الوظيفة أيضا. فالجوامع والمساجد كانت للعبادة والتعليم كما أن الزوايا كذلك أحيانا، ولكن هذه في الغالب كانت رباطا أو ملجأ أو مسكنا للطلبة والغرباء ومركزا لتلقين الأذكار واستقبال المريدين. كما أن حجم هذه المؤسسات له دخل في تحديد وظائفها. فالجالع اصطلاحا أكبر حجما من المسجد، فهو الذي تؤدي فيه الصلاة الجامعة أو الجمعة والعيدين، وكثيرا ما يسمى أيضا جامع الخطبة، وبعض هذه الجوامع كان أيضا يسمى بالجامع الكبير أو الأعظم. غير أن هناك بعض الباحثين يذكرون (المساجد) فقط ثم يفصلون كبيرها وصغيرها، ما له صومعة وما ليس له صومعة، بل ما له صومعة عالية وما له سوى قبة أو نحوها. ثم أن الجوامع والمساجد في الغالب غير منسوبة إلى الأولياء والصلحاء، بل هي منسوبة إلى مؤسسيها من السياسيين والتجار والعسكريين ونحوهم، بينما الزوايا تنسب غالبا إلى ولي من الأولياء. فهناك زاوية أحمد بن عبد الله الجزائري وزاوية عبد الرحمن الثعالبي، ولكن هناك الجامع الأخضر والجامع الجديد، والجامع الكبير الخ. كما أن بعض الجوامع كانت تنسب إلى الأحياء الواقعة فيها مثل. جامع باب الجزيرة وجامع سوق اللوح وجامع سوق الغزل (بقسنطينة)، أو إلى صنعة