للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رؤوس العسكريين، فاوض بنفسه في بوفاريك ممثلي الأمير، ثم أرسل إليه القس سوشيه إلى معسكر. واستطاع أن يتبادل معه بعض الأسرى. وقد سخط عليه بعض العسكريين لتفاوضه (مع العدو) وكادوا يعقدون له مجلسا حربيا، لولا تدخل بوجو الذي كان يحميه (١).

وفي نهاية عهده أفلس دوبوش لأن سياسة التبذير والمغامرة التي سلكها جعلته يتهرب من الدائنين له إلى أن استقال، وسجن، ثم هرب إلى إيطاليا ثم إسبانيا، كما ذكرنا. فقد أكثر من المنشآت باسم الكنيسة. ومن ذلك ملجأ الأيتام في ابن عكنون. إذ جمع فيه الأطفال المنبوذين، وجند النساء للقيام بهم، واشترى له قطيعا من الماعز للحليب، ثم دخل في صفقة عقارية، مما أدى إلى إفلاسه. وثارت ضجة للفضيحة. ونحن هنا لا يهمنا كل ذلك، ولكن يهمنا فقط أن الدولة الفرنسية بزعامة نابليون عندئذ سنة ١٨٥٢ قد تدخلت وتكفلت هي بدفع الديون المترتبة على الأسقف باعتباره كان يعمل لمشاريع تخدم مصالح الدولة الفرنسية. وكان أسقف مدينة بوردو هو الذي أقنع نابليون بذلك.

[الأسقف بافي]

أما الأسقف الثاني، وهو لويس بافي L. Pavy، فقد كان عهده أكثر اضطرابا وثورة على الدين الاسلامي. جاء الجزائر متحمسا للاستمرار في مشروع سلفه، وهو استعادة نشاط الكنيسة الكاثوليكية كما كان قبل الاسلام، واعتبار الحلقة الاسلامية مرحلة عابرة، فكان لا بد، في نظره، من تكسيرها. وقد طال عهد بافي من ١٨٤٦ إلى ١٨٦٦. وعرفت الجزائر خلال ذلك حياة متقلبة أيضا: تغييرات إدارية، وثورات شعبية، واستيطان الأروبيين، ومواقف من التعليم والدين الاسلامي والقضاء، وحركة هجرة جزائرية نحو المشرق، وجوائح مهولة. ومن الصعب علينا التذكير بكل ذلك هنا، ولكن نحيل إلى كتابنا الحركة الوطنية والفصول الأخرى من هذا الجزء للربط بين ما حدث


(١) انظر بيلي (عندما أصبحت الجزائر فرنسية)، مرجع سابق، ص ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>