للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - التلاميذ:

عرفنا أن أعمار التلاميذ المترددين على الكتاتيب كانت تتراوح بين السادسة والرابعة عشرة، وفي السن الأخيرة يكون التلميذ النابه قد ختم القرآن الكريم مرة أو عدة مرات وتعلم القراءة والكتابة وقواعد الدين وأوليات الحساب. وقد يصبح في السنتين الأخيرتين مساعدا للمؤدب في تعليم الأطفال الأصغر منه سنا. وهو في هذه المرحلة يسكن عند أهله ويغدو ويروح على الكتاب الذي يكون عادة قريبا من منزله. غير أنه يلاحظ أن بعض سكان الريف كانوا يرسلون أبناءهم إلى المدينة للتعليم. وفي هذه الحالة يسكن التلاميذ عند أصدقاء أو أقارب العائلة وتكون إقامتهم مجانا.

وكل أسرة يتقدم أطفالها في تعليمهم تعتبر محظوظة وسعيدة. وهي تعبر عن فرحتها وسعادتها بالاحتفال بالطفل عند ختمه القرآن فتقيم مأدبة تدعو إليها الأطفال الآخرين كما يشترك الجيران في تبادل التهاني والأفراح. وتكون المأدبة بالنسبة للآخرين مناسبة غبطة وتنافس وتحريض للأطفال على تحقيق ما حقق زميلهم. ومن عادات الحضر في مدينة الجزائر في هذه المناسبة أن يركب الطفل على حصان مزين يقوده زملاؤه في الكتاب ويطوفون به شوارع المدينة معلنين نجاحه وتهنتئه في أصوات مطربة. كما يجتمع الأهل والجيران لتحية الطفل وتهنئته ويقدمون إليه الهدايا (١). ومن عاداتهم في ذلك أيضا أن يلبس الأطفال الملابس الجديدة لأن تلك المناسبة تعتبر تحقيقا لأمل كبير للأسرة وهو حصول ابنها على لقب (طالب). ومنذ هذه المناسبة يدخل (الطالب) حياة جديدة، فهو إما أن ينخرط في سلك الطلبة ويتابع دراسته الثانوية. وإما أن يصبح بدوره مؤدبا، وإما أن يدخل ميدان التجارة مع أهله، وإما أن ينضم، بعد فترة، إلى الجيش. غير أنه ليس كل طفل كان قادرا على مواصلة تعليمه، فأبناء الأغنياء هم عادة الذين يواصلون تعليمهم. ومن جهة أخرى فإنه منذئذ يبدأ والدا الطفل، وخصوصا


(١) شو (المرحلة)، ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>