للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفنون التقليدية - الشعبية]

تتمثل هذه الفنون في عدة نماذج من المصنوعات التقليدية ذات الاستعمال الفردي والعائلي، وهي تستعمل أيضا للمنازل والحيوانات. وكانت هذه الفنون مزدهرة مع ازدهار التجارة وانفتاح البلاد على الأسواق الأوروبية والشرقية والإفريقية، وكذلك مع وجود طبقة اجتماعية تتذوق وتستهلك هذه المصنوعات، ووجود مدن كبيرة ذات بازارات وحرفيين مختصين. وقد كان للفنون نقاباتها كما كان لغيرها نقابات. فلصانعي الفضة والذهب (الصاغة) نقابتهم وكذلك للنحاسين والسراجين والطرازين نقاباتهم. وهي نقابات ليست فقط للتنظيم الاجتماعي والمالي ولكن للمحافظة على اتقان الصنعة وأصالتها وتطويرها.

وليس لدينا كتابات وصفية دقيقة عن وضع الفنون التقليدية عند الاحتلال. فالجزائريون يبدعون أو يستهلكون هذه الفنون ولكن قلما ألفوا فيها. ولذلك فان اعتمادنا سيكون على ما ألفه عنها الأوروبيون. وهؤلاء كانوا إلى جانب اهتمامهم الفني والحضاري كانوا مهتمين بالجانب التجاري وتنافس البضائع الأهلية والأوروبية (١)، وملاحظة التحولات التي طرأت على المجتمع بعد الاحتلال واختلاط العناصر الأوروبية بالجزائريين.

ومن نافلة القول أن ننبه إلى أنه قد وقع للفنون الشعبية ما وقع لغيرها نتيجة الاحتلال. ولعل إصابة الفنون كانت أعمق وأسرع. ذلك أن الفئة التي كانت تنتجها وتستهلكها قد أصابها الذعر فهاجرت من المدن الكبرى حيث كانت الفنون مزدهرة. والمعروف أن الاحتلال قد بدأ بالمدن الرئيسية. وإلى جانب الهجرة تعرضت الأسواق والبازارات والقصور إلى الهدم، سيما في


(١) كتب القاضي شعيب الجليلي رسالة بالعربية وترجمت إلى الفرنسية عن مصنوعات تلمسان. انظر حياته، وكذلك فصل العلوم الاجتماعية. ونحن نجد في (حكاية العشاق) للأمير مصطفى بن إبراهيم باشا أسماء عديدة ووصفا هاما لبعض المصنوعات التقليدية، انظره.

<<  <  ج: ص:  >  >>