للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فترة معلومة قبل أن يسمحوا لها بالدخول إلى الميناء ولركابها بالنزول سواء كانت السفينة قادمة من بلاد إسلامية أو من بلاد مسيحية (١) وكانت أوروبا تفعل ذلك أيضا مع الجزائر، فقد كانت تغلق مراسيها في وجه السفن الجزائرية أو القادمة من الجزائر إذا ثبت انتشار الوباء فيه (٢).

ولكن هذا لا يعني أن الولاة العثمانيين لم يلتفتوا البتة إلى النواحي الصحية. فقد قيل إن حسن باشا بن خير الدين قد بنى حماما في الجزائر على غرار حمام والده في إسطانبول وكان يدخر مدخوله لنفسه. كما قيل إنه بنى مستشفى أو اثتين. ولعل صالح باي ومحمد الكبير قد قاما بأعمال من هذا النوع أيضا. ولكن الملاحظ على هذه المنشآت أنها قليلة بل نادرة، وأنها لم تكن لمصلحة الناس عموما وإنما كانت لمصلحة منشئيها أو للعثمانيين فقط. غير أن الحمامات عموما كانت شائعة في المدن الجزائرية، وكانت من إنشاء أهل الحضر، وأهل الخير أيضا، بالإضافة إلى الحمامات المعدنية الطبيعية.

[دور المدن]

١ - ولنذكر الآن نماذج للمدن الجزائرية خلال العهد العثماني، مبتدئين بالعاصمة. فقد تحولت هذه المدينة من مرسى صغير يلجأ إليه الصيادون ويأوي إليه المسافرون كمحطة ثانوية عند هبوب العواصف إلى مرسى كبير يستقبل مختلف السفن والبضائع ويقصده تجار الداخل والخارج على السواء. كما تحولت من قرية مجهولة وعرة المسالك معلقة على صدر الجبل إلى عاصمة للقطر كله كثيرة العمران وافرة السكان. ولم يكن للقطر الجزائري، قبل القرن العاشر، وحدة سياسية جغرافية كالتي عرفها بعد ذلك. ولذلك لم


(١) في رحلة ابن حمادوش خبر عن تطبيق الحجر على سفينة حجاج كانت قادمة من الإسكندرية.
(٢) أورد الأمريكي ناثانيال كاتنق الذي أرسله جورج واشنطن في مهمة خاصة إلى الجزائر أن أوروبا قد قطعت صلاتها بالجزائر إثر انتشار الطاعون فيها سنة ١٧٩٣. انظر (المجلة التاريخية) - الأمريكية - ١٨٦٠، ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>