لأخذ العلم (١) قادمين إليها من الجزائر وزواوة وعنابة. كما ذكر ابن حمادوش بعضا منهم في رحلته مثل الشيخ محمد الحنفي قاضي قسنطينة الذي قدم إلى العاصمة وأخذ بها العلم, ومن جهة أخرى كان الشيخ سعيد المقري في تلمسان موئل عدد من الطلبة أمثال سعيد قدورة الذي قدم عليه من مدينة الجزائر وذلك لشهرته في ميدان التدريس. وهكذا ترى أن الحدود كانت مفتوحة أمام الطلبة لتلقي العلم حيث ثقفوه. ولم يكن قصد هؤلاء في الغالب أخذ الإجازات ونحوها بل كان قصدهم التتلمذ الحقيقي والجلوس الطويل في حلقات الدرس. أما التنقل من أجل الإجازات ونحوها فقد كان شيئا آخر يقوم به بعض العلماء لنيل السمعة والوظيفة. وسنتعرض إلى ذلك في حينه.
ومما سبق ندرك إنه لم يكن للعثمانيين في الجزائر سياسة للتعليم ولا خطة رسمية لتشجيعه والعناية بأهله وتطويره وتوجيهه وجهة تخدم المصالح الإسلامية العليا من جهة والمصالح الوطنية الجزائرية من جهة أخرى. بل انهم تركوا الحبل على الغارب فركد التعليم ونضبت موارده وضاق مجاله وافتقر رجاله وانحط مستواه. ومما زاد الأمر سوءا في هذا الميدان تسرب الخرافات إلى عقول المعلمين والمتعلمين بل ورجال الدولة أنفسهم، فأنت لا تقرأ سيرة أحد من هؤلاء إلا وجدته كان يعتقد العقائد الغليظة في مدعي الكرامات، فكان بعض المدرسين يضلون الناس بدل أن يهدوهم، بل إن بعضهم كان يستعمل الشعوذة سلما لكسب المال والجاه لدى أرباب السلطة.
[وسائل التعليم]
١ - المعلمون:
من الطبيعي أن يكون عمدة التعليم هو المعلم. فهو المثل الأعلى للتلميذ من الصبا إلى المراهقة بل إلى الشباب والكهولة، وهو ناشر العلم بين الناس بلسانه وكتابه وآرائه وسلوكه، ثم إنه هو موجه التعليم إن خيرا فخير