على كل حال، فإلى أي مدى كانت الوقائع تؤكد ما ذهبت إليه بعض هذه الروايات؟
[النظام التربوي والإسلام وتعليم التاريخ]
في بحث ترجمته المنار ونشرته ملخصا سنة ١٩٥٢ تحدث صاحبه عن التوجيه الديني في النظام التربوي، ولم تذكر الجريدة أين نشر نصه الفرنسي ولا لأي غرض نشر ولا من هو صاحب البحث، ومهما كان الأمر فقد تحدث الكاتب عن مكانة الدين وأوضح أنها ما تزال كبيرة في المجتمع الجزائري رغم القول بفصل الدين عن الدولة، وبالإيمان بالتقدم، كان البعض يقول إن الدين كان صالحا في الأزمنة السابقة، وأن الاستعمار يحاربه إذا أحس منه قوة أو يستغله إذا لاحظ في أهله غفلة، وتذهب بعض الآراء إلى أن العالم الإسلامي ما يزال يرزح تحت القوتين المادية والروحية، ولكن حالة الدين الإسلامي ومقتضياته تجعل العالم الإسلامي كتلة بذاتها مختلفة عن الكتلتين الأخريين (المقصود المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي) لأن التعاليم الإسلامية تقدم نظاما مغايرا، وهو نظام يطمح أيضا إلى العالمية وسيادته من أجل إسعاد البشرية، وتساءل الكاتب المجهول: هل تقف التربية الإسلامية على الحياد أمام القوتين المادية والروحية؟ ثم أجاب بأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد أعلن عن عالمية الإسلام بنزول القرآن على الناس كافة.
وقد ربط الكاتب بين الحركات الإسلامية التي أنشأت دولا مثل (الرابطة الإسلامية) في الهند التي تولدت عنها باكتسان، و (الحزب الإسلامي) الذي يعمل على تخليص الملايو من الاستعمار، لأن الاستعمار لا يثبت في بلاد يسودها الإسلام، وأن حركة (الإخوان المسلمين) في مصر وسورية تبذل جهدا ولها آثار محمودة لتخليص الدين من الاضطهاد، ومن الواضح أن صاحب البحث يسير على نهج هذه الحركة التي كانت تملأ الساحة السياسية والفكرية